إعلانات المنتدى


شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

(651)
وَفي دَرَجَاتَ النُّونِ مَعْ يُوسُفٍ (ثَـ)ـوَى وَوَالَّليْسَعَ الْحَرْفاَنِ حَرِّكْ مُثَقِّلاَ
يعني (نرفع درجات من نشاء) ، هنا مع حرف يوسف وعنى بالنون التنوين في درجات وثوى أي أقام التنوين فيها وتقديرها نرفع درجات من نشاء فيكون درجات منصوبا على التمييز أو الحال أي ذوى درجات أو على إسقاط الخافض أي في درجات ويشهد لهذه القراءة قوله تعالى ، (ورفع بعضهم درجات وآتينا)-(ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم)-(ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ) ، القراءة الأخرى على إضافة درجات إلى أصحابها فتكون هي المرفوعة ومنه قوله تعالى (رفيع الدرجات) ، وفي الحديث اللهم ارفع درجته في عليين ومن رفعت درجته فقد رفع ، قوله ووالليسع لفظ القرآن-واليسع-فأدخل واو العطف الفاصلة على ذلك لتحصل حكاية لفظ القرآن وهي في موضعين هنا وفي سورة ص وإليهما أشار بقوله الحرفان لأن الحرف اصطلاح القراء عبارة عن الكلمة المختلف في قراءتها وفي إعراب الحرفان نظر وذلك أنه جاء بلفظ الرفع فلزم أن يكون ووالليسع قبله مبتدأ والحرفان بدل منه بدل الاشتمال كأنه قال حرفاه أي موضعاه ويجوز أن يكون مبتدءا ثانيا أي الحرفان من هذا اللفظ ولو قال الحرفين بالنصب لكان أجود إعرابا وأقل إضمارا فإن قولك زيدا اضرب بنصب زيد أولى من رفعه بدرجات وقوله والليسع حرك مثل زيدا اضرب سواء وأراد بالتحريك فتح اللام لأنه ليس في كلمة اليسع ساكن سواها ومثقلا حال من فاعل حرك أي مشددا اللام ثم تمم الكلام فقال
(652)
وَسَكِّنْ (شِـ)ـفَاءَ وَاقْتَدِهْ حَذْفُ هَائِهِ (شِـ)ـفَاءً وَبِالتَّحْرِيكِ بِالْكَسْرِ (كُـ)ـفِّلاَ
يعني سكن الياء وضاق عليه النظم عن بيان محل التسكين فإنه محتمل أن يكون في الياء والسين وشفاء حال أي ذا شفاء فقرأ حمزة والكسائي على أن اسمه ليسع على وزن لحمر فدخلت عليه آلة التعريف وعلى قراءة الجماعة يكون اسمه كأنه يسع على وزن يضع ثم دخله الألف واللام كقوله رأيت الوليد ابن اليزيد وكل هذا من تصرفاتهم في الأسماء الأعجمية واختار أبو عبيد قراءة التخفيف وقال كذلك وجدنا اسم هذا النبي في الأنباء والأحاديث وقال الفراء في قراءة التشديد هي أشبه بأسماء العجم وقوله تعالى (فبهداهم اقتده) ، الهاء في اقتده هاء السكت فحذفها في الوصل شفاء كما تقدم في-يتسنه-ومن أثبتها في الوصل أجراه مجرى الوقف واتبع الرسم وأجمعوا على إثبات هاء السكت في الوصل في-كتابيه-وحسابيه-في موضعين في الحاقة واختلفوا في-ماليه-و-سلطانيه-و-ماهيه-في سورة القارعة على ما يأتي وابن عامر حرك هاء-اقتده-بالكسر قال ابن مجاهد يشم الهاء الكسر من غير بلوغ ياء قال وهذا غلط لأن هذه الهاء هاء وقف لا تعرف في حال من الأحوال أي لا تحرك وإنما تدخل ليتبين بها حركة ما قبلها وقال أبو علي ليس بغلط ووجهها أن تجعل الهاء كناية عن المصدر لا التي تلحق الوقف وحسن إضماره لذكر الفعل الدال عليه وعلى هذا قول الشاعر ، (هذا سراقة للقرآن يدرسه ) ، فالهاء كناية عن المصدر ودل يدرس على الدارس ولا يجوز أن يكون ضمير القرآن لأن الفعل قد تعدى إليه اللام فلا يجوز أن يتعدى إليه وإلى ضميره كما أنك إذا قلت زيدا ضربته لم تنصب زيدا بضربت لتعديه إلى الضمير قلت فالهاء على هذا ضمير الاقتداء الذي دل عليه اقتد وقيل ضمير الهدى وقيل إن هاء السكت تشبه بهاء الضمير فتحرك كما تشبه هاء الضمير بهاء السكت فتسكن وقوله كفلا أي جعل له كافل وهو الذي ينصره ويذب عنه ثم قال
(653)
وَمُدَّ بِخُلْفٍ (مَـ)ـاجَ وَالْكُلُّ وَاقِفٌ بِإِسْكَانِهِ يَذْكُو عَبِيرًا وَمَنْدَلاَ
أي مد كسرة الهاء ابن ذكوان بخلاف عنه والمد فرع تحريكها فجرى فيها على القياس إذ هاء الضمير بعد المتحرك موصولة في قراءة-يؤده-و-فألفه-ونحوهما وهشام من مذهبه القصر في ذلك فقصرها هنا وقوله ماج أي اضطرب وهو صفة لخلف وهو من زيادات هذه القصيدة فلم يذكر صاحب التيسير فيه عن ابن ذكوان غير المد وذكر النقاش عن هشام حذف الهاء كقراءة حمزة والكسائي وذكر عن ابن ذكوان مثل قراءة نافع وغيره بالإسكان ويجوز في قراءة الإسكان أن تكون الهاء ضميرا على ما ذكر في قراءة ابن عامر وأسكنت كما أسكنت في-فألقه-ويتقه-ونحوهما فإذا وقفت على-اقتده-فكلهم أثبتوا الهاء ساكنة لأنها إن كانت هاء السكت فظاهر وإن كانت ضميرا فالوقف يسكنها فهذا معنى قوله والكل واقف بإسكانه أي بإسكان الهاء ويذكو معناه يفوح من ذكت النار أي اشتعلت والعبير أخلاط تجمع بالزعفران عن الأصمعي وقال أبو عبيدة هو الزعفران وحده والمندل العود يقال له المندل والمندلي ذكره المبرد وأنشد ، (إذا أخمدت يلقى عليها المندل الرطب ) ، وقال صاحب الصحاح رحمه الله المندلي عطر ينسب إلى المندل وهي بلاد الهند وانتصب عبيرا ومندلا على التمييز ويجوز أن يكونا حالين أي مشبها ذلك والضمير في يذكو للهاء ، أو الإسكان وموضع الجملة من يذكو نصب على الحال لأن إثبات الهاء في الوقف ساكنة لا كلام فيه والله أعلم
(654)
وَتُبْدُونَهَا تُخْفُونَ مَعْ تَجْعَلُونَهُ عَلَى غَيْبِهِ (حَـ)ـقًّا وَيُنْذِرَ (صَـ)ـنْدَلاَ
يعني (يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا) ، وجه الغيب فيه الرد على قوله (إذ قالوا ما أنزل الله على بشر) ، والخطاب لقوله (قل إى) ، قل لهم ذلك وقوله وعلمتم على قراءة للغيب التفات والغيب في (ولينذر أم القرى) ، يرجع إلى الكتاب فيكون فعل الإنذار مسندا إلى الكتاب والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وصندلا تمييز أو حال على ما سبق في عبيرا ومندلا عطف جميع ما في هذا البيت على ما في البيت السابق أي وهذا المذكور في هذا البيت يذكو صندلا كما ذكا ذاك عبيرا ومندلا وقوله على غيبة أي على ما فيه من الغيبة فهو في موضع الحال كقولك هو على حداثته يقول الشعر أي ويذكو يبدونها وما بعده على غيبه حقا مصدر مؤكد والصندل شجر طيب الرائحة والله أعلم
(655)
وَبَيْنَكُمُ ارْفَعْ (فِـ)ـي (صَـ)ـفَا (نَفَرٍ) وَجَاعِلُ اقْصُرْ وَفَتْحُ الْكَسْرِ وَالرَّفْعِ (ثُـ)ـمِّلاَ
أي كائنا في صفا نفر فقصر الممدود أو أراد في صلابة الصفا المقصورة لقوة الحجة فيه قال أبو عبيد وكذلك نقرؤها بالرفع لأنا قد وجدنا العرب تجعل بين اسما من غير ما ويدل على ذلك قوله (فلما بلغا مجمع بينهما) ، فجعل بين اسما من غير ما وكذلك قوله (هذا فراق بيني وبينك) ، وقد سمعناه في غير موضع من أشعارها وكان أبو عمرو يقول معنى-تقطع بينكم-تقطع وصلكم فصارت ههنا اسما من غير أن يكون معها ما قال وقرأها الكسائي نصبا وكان يعتبرها بحرف عبد الله لقد تقطع ما بينكم ، قال الزجاج الرفع أجود ومعناه لقد تقطع وصلكم والنصب جائز المعنى لقد تقطع ما كان من الشرك بينكم قال أبو علي لما استعمل بين مع الشيئين المتلابسين في نحو بيني وبينك شركة وبيني وبينه رحم وصداقة صارت لاستعمالها في هذه المواضع بمنزلة الوصلة وعلى خلاف الفرقة فلهذا جاء لقد تقطع وصلكم ، قلت وقيل المعنى تفرق جمعكم وتشتت وقيل اتسع في الظرف فأسند الفعل إليه مجازا كما أضيف إليه في قوله تعالى (شهادة بينكم) و (مجمع بينهما) ، و(هذا فراق بيني وبينك) ، وقال عنترة (كأنها أقص الأكام عشية بقريب بين المنشمين مصلم) ، وقول أبي عمرو لقد تقطع وصلكم يعني أن البين يطلق بمعنى الوصل فلا يكون الظرف متسعا فيه هذا وجه آخر وقراءة النصب على أنه ظرف على أصله والفاعل مضمر دل عليه سياق الكلام أي لقد تقطع الاتصال بينكم وقيل لقد تقطع الذي بينكم فحلف الموصول وقيل تقطع الأمر بينكم وقيل بينكم صفة موصوف محذوف أي لقد تقطع وصل بينكم كقولهم ما منهما مات أي أحد مات وقيل الفاعل (ما كنتم تزعمون) ، أي لقد تقطع وصل ما زعمتم كقولك قام وقعد زيد فأحد الفعلين رافع للفاعل الموجود والآخر فاعله مضمر لدلالة الموجود عليه وأما قوله تعالى (وجاعل الليل سكنا) ، فهذه القراءة موافقة لقوله تعالى (فالق الإصباح) ، كلاهما اسم فاعل أضيف إلى مفعوله وقرأه الكوفيون-وجعل الليل-جعلوه فعلا ماضيا ومفعولا به لأن فالق بمعنى فلق فعطفوا-وجعل-عليه أراد فتح الكسر في العين وفتح الرفع في اللام ومعنى ثمل أصلح والله أعلم
(656)
وَعَنْهُمْ بِنَصْبِ اللَّيْلِ وَاكْسِرْ بِمُسْتَقَرْرٌ الْقَافَ (حَـ)ـقًّا خَرَّقُوا ثِقْلُهُ (ا)نْجَلاَ
أي عن الكوفيين لأنه صار مفعولا وفي قراءة الباقين هو مضاف إليه فكان مجرورا وقوله سبحانه بعد ذلك-والشمس والقمر-بالنصب يقوي قراءة الكوفيين أي وجعل ذلك حسبانا وقوله تعالى (وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع) ، هما بفتح القاف والدال موضع الاستقرار والاستيداع فالتقدير فلكم مستقر وهو حيث يستقر الولد في الرحم ولكم مستودع وهو حيث أودع المنى في صلب الرجل وإذا كسرت القاف كان اسم فاعل أي فمنكم مستقر في الرحم أي قد صار إليها واستقر فيها ومنكم من هو مستودع في صلب أبيه فعلى هذه القراءة يكون مستودع اسم مفعول لأن فعله متعد ولم يتجه في مستقر بفتح القاف أن يكون اسم مفعول لأن فعله لازم فلهذا عدل إلى جعله اسم مكان وعطف مستودع عليه لفظا ومعنى لإمكان ذلك فيهما والتخفيف والتشديد في-وخرقوا له بنين-لغتان والتخفيف أكثر وفي التشديد معنى التكثير ولهذا قال انجلا أي ظهر وجهه وانكشف معناه وهو التكثير لأن المشركين قالوا الملائكة بنات الله وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله وكل طائفة من هؤلاء عالم لا يحصى ومعنى وخرقوا أي افتروا ذلك يقال خرق واختلق واخترق إذا افترى والباء في بنصب زائدة أو التقدير وثمل الفتح أيضا بنصب الليل عنهم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

(657)
وَضَمَّانِ مَعْ يَاسِينَ فِي ثَمَرٍ (شَـ)ـفَا وَدَارَسْتَ (حَقٌّ) مَدُّهُ وَلَقَدْ حَلاَ
أي هنا ويس يريد (انظروا إلى ثمره إذا أثمر)-(ليأكلوا من ثمره وما عملته) ، فالضمان في الثاء والميم فيكون جمع ثمرة كخشب في جمع خشبة أو جمع ثمار ككتب في جمع كتاب أو جمع ثمر كأسد في جمع أسد وقيل هو اسم مفرد لما يجنى كطنب وعنق وأما ثمر بفتح الثاء والميم فجمع ثمرة كبقر وشجر وخرز واختلفوا أيضا في الذي في الكهف كما يأتي إلا أن حمزة والكسائي جريا فيه على ضم الحرفين كما ضما هنا وفي يس وعاصم وحده جرى على الفتحتين في الجميع ونافع وابن كثير وابن عامر ضموا في الكهف وحدها وزاد أبو عمرو إسكان الميم فيها وكل ذلك لغات وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (وليقولوا دارست) ، على وزن فاعلت أي دارست غيرك هذا الذي جئتنا به والباقون بلا ألف-درست-أي قرأت وهو في الرسم بغير ألف كما في (جاعل الليل) ، إلا أن ا لألفات كثير حذف في أوساط الكلم من الرسم ثم ذكر قراءة أخرى فقال
(658)
وَحَرِّكْ وَسَكنْ (كَـ)ـافِيًا وَاكْسِرِ انَّهَا (حِـ)ـمى (صَـ)ـوْبِهِ بِالْخُلْفِ (دَ)رَّ وَأَوْبَلاَ
أي حرك السين أي افتحها وسكن التاء فقل درست على وزن خرجت فالتاء على هذه القراءة هي تاء التأنيث الساكنة اللاحقة لأواخر الأفعال الماضية والتاء في القراءتين السابقتين تاء الخطاب المفتوحة ومعنى هذه القراءة أي امحيت هذه الآيات وعفت ومضت عليها دهور فكانت من أساطير الأولين فأحييتها أنت وجئتنا بها وكافيا حال ثم قال واكسر أنها أراد (أنها إذا جاءت لا يؤمنون) ، فألقى حركة الهمزة في أنها على الراء الساكنة من اكسر فيجوز كسر الراء وفتحها على بناء حركة الهمزة المنقولة وفيها قراءتان الكسر لأبي عمرو وابن كثير ولأبي بكر بخلاف عنه وهي ظاهرة لأنها استئناف إخبار عنهم أنهم لا يؤمنون إذا جاءت الآية ومعنى-وما يشعركم-وما يدريكم إيمانهم إذا جاءت فحذف المفعول وابتدأ بالإخبار بنفي وقوعه والقراءة الأخرى بالفتح يوهم ظاهرها أنه عذر للكفرة فقيل إن أنها بمعنى لعلها وهي في قراءة أبي-لعلها- ذكر ذلك أبو عبيد وغيره ولعل تأتي كثيرا في مثل هذا الموضع نحو (وما يدريك لعل الساعة قريب)-(وما يدريك لعله يزكى) ، وقيل إنها وما بعده مفعول يشعركم على أن لا زائدة نحو (وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون) ، وهو قول الكسائي والفراء وقيل هو عذر للمؤمنين أنهم لا يعلمون ما سبق به القضاء على الكفار من أنهم لا يؤمنون إذا جاءت الآية على ما قاله تعالى (إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية) ، وقيل التقدير لأنها إذا جاءت أي منعنا من الإتيان بالآية أنهم لا يؤمنون إذا جاءت قال الزجاج زعم سيبويه عن الخليل أن معناها لعلها إذا جاءت لا يؤمنون وهي قراءة أهل المدينة قال وهذا الوجه أقوى وأجود في العربية والذي ذكر أن لا لغو غالط لأن ما كان لغوا لا يكون بمنزلة لغو ومن قرأ بالكسر فالإجماع على أن لا غير لغو فليس يجوز أن يكون معنى لفظه مرة لنفي ومرة لإيجاب وقد أجمعوا على أن معنى أن ههنا إذا فتحت معنى لعل قلت وقد تكلم أبو علي في الاصطلاح على هذا واقتصر لمن قال أن لا لغو واختار أن يكون التقدير لأنها أي فلا نؤتيهموها لإصرارهم على كفرهم عند ورودها فتكون هذه الآية كقوله تعالى (وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون) ، أي بالآيات المقترحة وقول الناظم حمى صوبه أضاف حمى إلى الصوب وهو نزول المطر والهاء في صوبه للكسر المفهوم من قوله واكسر ودر أي تتابع صبه وسيلانه وأوبل أي صار ذا وبل وقد مضى الكلام فيه في قوله جودا وموبلا في الإدغام الصغير وأشار إلى ظهور حجة قراءة الكسر والله أعلم
(659)
وَخَاطَبَ فِيهَا يُؤْمِنُونَ (كَـ)ـمَا (فَـ)ـشَا وَصُحْبَةُ (كُفْؤٍ فِي الشَّرِيعَةِ وَصَّلاَ
فيها أي في هذه الآية وفاعل خاطب تؤمنون جعله مخاطبا لما كان فيه خطاب وقد تقدم نظيره فمن قرأ بالخطاب كان-وما يشعركم-خطابا للكفار ومن قرأ بالغيبة فالخطاب للمؤمنين ويجوز أن يكون للكفار على قراءة الكسر وعلى تقدير لعل والخطاب في الشريعة وصله صحبة كفؤ يعني في قوله تعالى (فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون) ، الخطاب المرسل إليهم والغيبة ظاهرة والله أعلم
(660)
وَكَسْرٌ وَفَتْحٌ ضُمَّ فِي قِبَلاً (حَـ)ـمى ظَهِيرًا وَلِلْكُوفِيِّ فِي الْكَهْفِ وُصِّلاَ
ضم إما فعل ما لم يسم فاعله أو أمر فإن كان لم يسم فاعله فهو صفة لفتح وحذف مثله بعد قوله وكسر تخفيفا وأراد كسر ضم وفتح ضم أي القاف والباء من قبلا مضمومتان فهو كقوله تعالى (والله ورسوله أحق أن يرضوه) ، وهذه الصفة المقدرة هي التي سوغت جواز الابتداء بقوله وكسر وفي قبلا خبره وإن كان ضم فعل أمر كان عدولا عن الوجه الأقوى في الإعراب مع إمكانه إلى الوجه الأضعف حين رفع وكسر وفتح وكان الوجه نصبهما لأنهما مفعول ضم والظاهر أنه قصد هذا الوجه وغفل عن ضعف الرفع في مثل هذا فقد تكرر منه هذا النظم في قوله المتقدم والليسع الحرفان حرك وفاعل حمى ضمير الضم المفهوم من قوله ضم وظهيرا حال منه أو مفعول به أي حمى من كان له ظهيرا أي سعينا يحتج له وينصره وإذا كان حلا فمعناه أن قراءة الضم ظهرت على الأخرى بكثرة وجوهها والخلاف في قوله تعالى (وحشرنا عليهم كل شيء قبلا) ، وفي الكهف (أو يأتيهم العذاب قبلا) ، يقرآن بضم القاف والباء وبكسر القاف وفتح الباء قيل القراءتان بمعنى واحد أي عيانا وقيل المضموم هنا جمع قبيل وهو الكفيل أي كفلاء بما وعدناهم والقبيل أيضا الجماعة أي جماعات تشهد بصدقك قال الفراء في سورة الأنعام قبلا جمع قبيل وهو الكفيل قال وإنما اخترت ههنا أن يكون القبيل في معنى الكفالة لقولهم (أو تأتي بالله والملائكة قبيلا) ، يضمون ذلك قال وقد يكون قبلا من قبل وجوههم كما تقول أتيتك قبلا ولم أك دبرا وقد يكون القبيل جمعا للقبيلة كأنك قلت أو تأتي بالله والملائكة قبيلة قبيلة وجماعة جماعة وقال في الكهف-قبلا-عيانا وقد يكون قبلا بهذا المعنى وقد يكون قبلا كأنه طوائف من العذاب مثل قبيل وقبل قال أبو علي قال أبو زيد يقال لقيت فلانا قبلا ومقابلة وقبلا وقبلا وقبليا وقبيلا كله واحد وهو المواجهة ثم أتبع ذلك بكلام طويل مفيد رحمه الله
(661)
وَقُلْ كَلِماَتٌ دُونَ مَا أَلِفٍ (ثَـ)ـوَى وَفي يُونُسٍ وَالطَّوْلِ (حَـ)ـامِيهِ (ظَـ)ـلَّلاَ
يعني قرأ هؤلاء كلمة بالإفراد وهو يؤدي معنى الجمع كما تقدم في-رسالاته-في المائدة ويأتي له نظائر وأراد (وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا)-(إن الذين حقت عليهم كلمات ربك لا يؤمنون)-(وكذلك حقت كلمات ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار) ، أفرد الكوفيون الثلاثة ووافقهم ابن كثير وأبو عمرو في يونس والطول وما في قوله دون ما ألف زائدة
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

(662)
وَشَدَّدَ حَفْصٌ مُنْزَلٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَحُرِّمَ فَتْحُ الضَّمِّ وَالْكَسْرِ (إ)ذْ (عَـ)ـلاَ
أراد (أنه منزل من ربك بالحق) ، التخفيف والتشديد لغتان من أنزل ونزل وحرم بفتح الحاء والراء على إسناد الفعل إلى الله وبضم الحاء وكسر الراء على بناء الفعل للمفعول وكذا توجيه الخلاف في-فصل لكم-الذي قبله وهو قوله
(663)
وَفُصِّلَ (إِ)ذْ (ثَـ)ـنَّى يَضِلُّونَ ضَمَّ مَعْ يَضِلُّوا الذِي فِي يُونُسٍ (ثَـ)ـاِبتًا وَلاَ
فقراءة نافع وحفص بإسناد الفعلين إلى الفاعل وقراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر بإسنادهما إلى المفعول وقراءة حمزة والكسائي وأبي بكر بإسناد فصل إلى الفاعل وإسناد حرم إلى المفعول ولم يأت عكس هذا ومعنى إذ ثنى أي أعاد الضمير في فصل إلى اسم الله تعالى قبله فهو مثن بذكره ويقال ضل في نفسه وأضل غيره وأراد (وإن كثيرا ليضلون)-(ربنا ليضلوا عن سبيلك) ، في يونس ولا خلاف في فتح التي في صاد (إن الذين يضلون عن سبيل الله) ، وسيأتي الخلاف في التي في إبراهيم وغيرها وقوله ثابتا حال من مفعول ضم وولا تمييز أي نصرا أو يكون حالا على تقدير ذا ولا وساق الناظم رحمه الله هذه الأبيات الثلاثة على خلاف ترتيب التلاوة ولكن على ما تهيأ له نظمه وكان يمكنه أن يقول ، (وشدد حفص منزل وابن عامر وفي كلمات القصر للكوف رتلا) ، (وفي يونس والطول ظلل حاميا وفصل فتح الضم والكسر ثق ألا) ، (وحرم إذ علا يضلون ضم مع يضلوا الذي في يونس ثابتا ولا)
(664)
رِسَالاَتُ فَرْدًا وَافْتَحُوا دُونَ عِلَّةٍ وَضَيْقًا مَعَ الْفُرْقَانِ حَرِّكُ مُثْقِلاَ
يريد قوله تعالى (الله أعلم حيث يجعل رسالته) ، وجه الإفراد والجمع فيه كما سبق في (فما بلغت رسالته) ، في سورة المائدة وتكلمنا ثم على فتح التاء وخفضها وقوله وضيقا مع الفرقان أراد-يجعل صدره ضيقا حرجا-(إذا ألقوا منها مكانا ضيقا) ، شدد الياء وكسرها كل القراء سوى ابن كثير والقراءتان كما سبق في الميْت والميِّت ثم تمم الكلام فقال
(665)
بِكَسْرٍ سِوَى المَكِّي وَرَا حَرَجاً هُنَا عَلَى كَسْرِهَا (إ)لْف (صَـ)ـفَا وَتَوَسَّلاَ
بين التحريك أنه بالكسر ولو لم يبين لكان فتحا لإطلاقه وقوله سوى المكي مستثنى من محذوف أي لكل سوى المكي والرواية بكسر التنوين وإلا لجاز أن يكون بكسر مضافا إلى سوى المكي وقوله ورا حرجا أراد وراء حرجا بالمد وإنما قصره ضرورة يريد (ضيقا حرجا) ، كسر راءه نافع وأبو بكر وفتحها الباقون وهما بمعنى واحدا عند قوم وقيل هما كدنف ودنف يحتاج الفتح إلى تقدير مضاف أي ذا حرج لأنه مصدر والكسر اسم فاعل كحذر وحذر وقال الشيخ وإذا تضايق الشجر والتف فلم تطق الماشية تخلله لتضايقه سما حرجا وحرجة فشبه به قلب الكافر لضيقه عن الحكمة والإلف الأليف وصفا أخلص يعني على كسر هذه الراء قاريء أليف مخلص متوسل إلى الله تعالى أي متقرب إليه وقوله هنا زيادة في البيان والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

(666)
وَيَصْعَدُ خِفٌّ سَاكِنٌ (دُ)مْ وَمَدُّهُ (صَـ)ـحِيحٌ وَخِفُّ الْعَيْنِ (دَ)اوَمَ (صَـ)ـنْدَلاَ
أي ذو خف أي ذو حرف خفيف ساكن وهو الصاد في قراءة ابن كثير والباقون على تحريك الصاد بالفتح وتشديدها دم يعني على القراءة به ثم ذكر أن شعبة زاد مدا يعني بعد الصاد وأنه وابن كثير معا خففا العين فقرأ ابن كثير (كأنما يصعد) ، على وزن يذهب ويعلم وهو ظاهر لأنه مضارع صعد كعلم وقرأ شعبة يصاعد أصله يتصاعد فأدغم التاء في الصاد وقرأ الجماعة (يصعد) ، بتشديد الصاد والعين أصله يتصعد فأدغم ومفعول قوله داوم محذوف أي داوم خف الصاد في قراءة ابن كثير وداوم المد بعدها في قراءة أبي بكر وصندلا حال أي عطرا مشبها صندلا
(667)
وتَحْشُرَ مَعْ ثَانٍ بِيُونُسَ وَهُوَ فِي سَبَأَ مَعْ نَقُولُ الْيَا فِي الأَرْبَعِ (عُـ)ـمِّلاَ
يعني يحشر الذي بعد يصعد وهو (ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن) ، والثاني في يونس هو الذي بعده (كأن لم يلبثوا) ، وقوله وهو يعني يحشر في سبأ مصاحب لقوله يقول يعني (ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة) ، الياء في الأربع يعني في يقول مع يحشر في السور الثلاث لحفص والباقون بالنون ووجه القراءتين ظاهر ولا خلاف في الأول بيونس والأول بالأنعام أنهما بالنون وقوله ونحشر مع ما بعده مبتدأ والياء مبتدأ ثان وخبره عملا أي اعمل فيها وقوله في الأربع من باب إقامة الظاهر مقام المضمر وفيه زيادة فائدة العددية التي اندرج بسببها لفظ يقول فيما فيه الخلاف لأن العدة لا تتم إلا بيقول وعمل وأعمل واحد كأنزل ونزل وقصر لفظ الياء ونقل حركة الهمزة في الأربع وأبدل همزة سبا ألفا بعد أن أسكنها بنية الوقف على قراءة قنبل كما يأتي وكل ذلك سبق له نظائر والله أعلم
(668)
وَخَاطَبَ شَامٍ تَعْلَمُونَ وَمَنْ تَكُونُ فِيهَا وَتَحْتَ النَّمْلِ ذِكْرُهُ (شُـ)ـلْشُلاَ
يعني (وما ربك بغافل عما يعملون)-(وربك الغني) ، وجه الخطاب أن بعده (إن يشأ يذهبكم) ، وما بعده إلى آخر الآية والغيب رد على ما قبله من قوله (ولكل درجات مما عملوا) وأما (من يكون له عاقبة الدار) ، هنا وفي القصص فتذكيره وتأنيثه على ما سبق في (ولا تقبل منها شفاعة) ، لأن تأنيث العاقبة غير حقيقي وشلشلا أي خفيفا
(669)
مَكَانَاتِ مَدَّ النُّونَ فِي الْكُلِّ شعْبَةٌ بِزَعْمِهِمُ الْحَرْفَانِ بِالضَّمِّ رُتِّلاَ
مكانات جمع مكانة وقد تقدم الكلام في نظير ذلك من الجمع والإفراد من-كلمات-و-رسالات-وغيرهما وقوله مد النون لأنه إذا أشبع فتحها صارت ألفا فكان المد فيها وهو كما سبق في سورة المائدة وفي العين فامدد وقوله في الكل يعني حيث جاء والزعم بفتح الزاي وضمها لغتان وقوله بزعمهم الحرفان مبتدأ نحو السمن منوان بدرهم أي الموضعان منه رتلا بالضم وليس مثل ما تقدم من قوله واليسع الحرفان فقد سبق أنه لو قال ثم الحرفين بالنصب لكان أجود وأما هنا فالرفع لا غير
(670)
وَزَيَّنَ فِي ضَمٍّ وَكَسْرٍ وَرَفْعُ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ بِالنَّصْبِ شَامِيُّهُمْ تَلاَ

(671)
وَيُخْفَضُ عَنْهُ الرَّفْعُ فِي شُرَكَاؤُهُمْ وَفِي مُصْحَفِ الشَّامِينَ بِالْيَاءِ مُثِّلاَ
يعني قوله تعالى (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم) ، قراءة الجماعة على أن شركاؤهم فاعل زين والمفعول قتل المضاف إلى أولادهم وقراءة ابن عامر على أن زين فعل لم يسم فاعله وقتل بالرفع على أنه أقيم مقام الفاعل وأولادهم بالنصب مفعول قتل لأنه مصدر وشركائهم بالجر على إضافة قتل إليه أي قتل شركائهم أولادهم كقولك عرف ضرب زيد عمرا أضيف المصدر إلى الفاعل فانجر وبقي المفعول منصوبا لكن في قراءة ابن عامر زيادة على هذا وهو تقديم المفعول على الفاعل المجرور بالإضافة وسيأتي توجيه ذلك فقوله وزين مبتدأ وفي ضم وكسر في موضع الحال أي كائنا في ضم الزاي وكسر الياء ورفع قتل عطف على وزين أولادهم كذلك على حذف حرف العطف وبالنصب في موضع الحال أي منصوبا وشاميهم تلا جملة من مبتدأ ثان وخبر هي خبر وزين وما بعده أي تلا على هذه الصورة أو يكون وزين وما بعده مفعولا لقوله تلا مقدما عليه أي ابن عامر تلا ذلك وكان التعبير على هذا التقدير يقتضي أن يقول وقتل بالرفع فلم يتزن له فقلب اللفظ لأمن الإلباس لأن من تلا قتل بالرفع فقد تلا الرفع وقيل ورفع قتل مبتدإ خبره محذوف أي وله رفع قتل وله أولادهم بالنصب وقوله وفي مصحف الشامين حذف منه ياء النسبة المشددة وهذا سنتكلم عليه إن شاء الله تعالى في باب التكبير في قوله وفيه عن المكين أراد أن مصحف أهل الشام الذي أرسله عثمان رضي الله عنه إليهم رسم فيه شركائهم بالياء فدل ذلك على أنه مخفوض فهو شاهد لقراءته كذلك ولكن لا دلالة فيه على نصب أولادهم فهو الذي استنكر من قراءته فيحتمل أن يكون أولادهم مجرورا بإضافة المصدر إلى مفعوله وشركائهم صفة له قال أبو عمرو الداني في مصاحف أهل الشام (أولادهم شركائهم) ، بالياء وفي سائر المصاحف شركاؤهم بالواو قال أبو البرهسم في سورة الأنعام في إمام أهل الشام وأهل الحجاز أولادهم شركائهم وفي إمام أهل العراق شركاؤهم قلت ولم ترسم كذلك إلا باعتبار قراءتين فالمضموم عليه قراءة معظم القراء ويحتمل أيضا قراءة أبي عبد الرحمن السلمي على إسناد زين إلى القتل كما فعل ابن عامر ولكنه خفض الأولاد بالإضافة ورفع شركاؤهم على إضمار فعل كأنه قيل من زينه فقال شركاؤهم فهو مثل ما يأتي في سورة النور-يسبح له فيها-بفتح الياء ثم قال رجال أي يسبحه رجال وهي قراءة ابن عامر وأبي بكر وأما خفض شركائهم فيحتمل قراءة ابن عامر ويحتمل أن يكون نعتا للأولاد وعلى قراءة أبي عبد الرحمن السلمي السابقة وهذا أوجه من القراءة لا استبعاد فيه لفظا ولا معنى قال الزجاج وقد رويت شركائهم بالياء في بعض المصاحف ولكن لا يجوز إلا على أن يكون شركاؤهم من نعت أولادهم لأن نعت أولادهم شركاؤهم في أموالهم وقال ابن النحاس فيها أربع قراءات فذكر ما ذكرناه ونسب قراءة السلمي إلى الحسن أيضا ونسب القراءة الرابعة إلى أهل الشام فقال وحكى غير أبي عبيد عن أهل الشام أنهم قرءوا زين بالضم قتل بالرفع وخفض أولادهم شركائهم بالخفض أيضا على أن يبدل شركائهم من أولدهم لأنهم شركاؤهم في النسب والميراث وذكر الفراء القراءتين الأوليين برفع شركائهم ثم قال وفي بعض مصاحف أهل الشام شركائهم بالياء فإن تكن مثبتة عن الأولين فينبغي أن يقرأ زين ويكون الشركاء هم الأولاد لأنهم منهم في النسب والميراث فإن كانوا يقرءون زين بفتح الزاي فلست أعرف جهتها إلا أن يكونوا فيها آخذين بلغة قوم يقولون أتيتها عشايا ويقولون في تثنية حمراء حمرايان فهذا وجه أن يكونوا أرادوا (زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم) ، يعني بياء مضمومة لأن شركائهم فاعل زين كما هو في القراءة العامة قال وإن شئت جعلت زين فعلا إذا فتحته لا يلبس ثم يخفض الشركاء باتباع الأولاد قلت يعني تقدير الكلام زين مزين فقد اتجه شركائهم بالجر أن يكون نعتا للأولاد سواء قريء زين بالفتح أو بالضم وتفسير الشركاء على قراءة الجماعة هم خدم الأصنام أو الشياطين زينوا للكفرة أن يقتلوا أولادهم بالوأد وبالنحر للآلهة وعلى قراءة ابن عامر يكون الشركاء هم القاتلين لأنهم لما زينوا للمشركين قتل أولادهم صاروا كأنهم كانوا هم القاتلين في المعنى والله أعلم
(672)
وَمَفْعُولُهُ بَيْنَ المُضَافَيْنِ فَاصِل وَلَمْ يُلْفَ غَيْرُ الظُرْفِ فِي الشِّعْرِ فَيْصَلاَ
يعني أن المفعول في قراءة ابن عامر وهو-أولادهم-الذي هو مفعول القتل وقع فاصلا بين المضاف والمضاف إليه لأن قتل مضاف إلى شركائهم وأكثر النحاة على أن الفصل بين المضافين لا يجوز إلا بالظرف في الشعر خاصة فهذا معنى قوله ولم يلف أي لم يوجد غير الظرف فيصلا بين المضاف والمضاف إليه وأما في كلام غير الشعر فلم يوجد الفصل بالظرف فكيف بغيره ذكر الناظم-رحمه الله-ما اعترض به على قراءة ابن عامر ثم مثل بالظرف فقال
(673)
كَلِلَّهِ دَرُّ الْيَوْمَ مَنْ لاَمَهَا فَلاَ تَلُمْ مِنْ سُلِيمِي النَّحْوِ إِلاَّ مُجَهِّلاَ
أراد بيتا أنشده سيبويه وغيره وهو لعمرو بن قميئة ، (لما رأت ساتيذ ما استعبرت لله در اليوم من لامها) ، يريد لله در من لامها اليوم أنشد سيبويه أيضا لأبي حية النميري ، (كما خط الكتاب بكف يوما يهودي ) ، أي بكف يهودي يوما وأنشد لدرنا بنت عتبة ، (هما أخوا في الحرب من لا أخا له ) ، أي أخوا من لا أخا له في الحرب قال وقال ذو الرمة ، (كأن أصوات من إيغالهن بنا أواخر الميس أصوات الفراريخ) ، أي كأن أصوات أواخر الميس وكل هذه الأبيات فصل فيها بالظرف الصريح وبالجار والمجرور بين المضاف والمضاف إليه ولا يجوز ذلك في غير الشعر قال سيبويه في قوله (يا سارق الليلة أهل الدار ) بخفض الليلة على التجوز ونصب أهل على المفعولية ولا يجوز يا سارق الليلة أهل الدار إلا في شعر كراهية أن يفصلوا بين الجار والمجرور ثم وقال مما جاء في الشعر قد فصل بينه وبين المجرور قول عمرو بن قميئة فذكر الأبيات المتقدمة وغيرها ثم قال وهذا قبيح ويجوز في الشعر على هذا مررت بخير وأفضل من ثم قال أبو الفتح ابن جني الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالظرف وحرف الجر كثير لكنه من ضرورة الشاعر وقوله مليم هو اسم فاعل من ألام الرجل إذا أتى بما يلام عليه أي من مليم أهل النحو وهو اسم جنس هكذا وقع في روايتنا بلفظ المفرد ولو كان بلفظ الجمع كان أحسن أي من مليمي النحو ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين وتقع كذلك في بعض النسخ وهو الأجود وحذفها إنما جاء من الكاتب لأن الناظم أملى فخفيت الياء على الكاتب لأنها ساقطة في اللفظ أي الذين تعرضوا لإنكار قراءة ابن عامر هذه من النحاة على قسمين منهم من ضعفها ومنهم من جهل قارئها وكلهم قد أتى بما يلام عليه لأنه أنكر قراءة قد صحت عن إمام من أئمة المسلمين لكن من نفى ذلك ولم يجهل فأمره أقرب إذ لم يبلغ علة أكثر من ذلك ومن جهل فقد تعدى طوره فبين أمره ولمه وجهله بما قد خفي عنه فإن هذه القراءة قد نقلها ابن عامر عمن قرأها عليه ولم يقرأها من تلقاء نفسه وسيأتي توجيهها ، قال أبو عبيد وكان عبد الله بن عامر وأهل الشام يقرءونها-زين-بضم الزاي ، (قتل) ، بالرفع-أولادهم-بالنصب ، (شركائهم) ، بالخفض ويتأولونه-قتل شركائهم أولادهم-فيفرقون بين الفعل وفاعله قال أبو عبيد ولا أحب هذه القراءة لما فيها من الاستكراه والقراءة عندنا هي الأولى لصحتها في العربية مع إجماع أهل الحرمين والبصرتين بالعراق عليها وقال أبو علي فصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول والمفعول به مفعول المصدر وهذا قبيح قليل في الاستعمال ولو عدل عنها إلى غيرها كان أولى ألا ترى أنه إذا لم يفصل بين المضاف والمضاف إليه بالظرف في الكلام وحال السعة مع اتساعهم في الظروف حتى أوقعوها مواقع لا يقع فيها غيرها نحو (إن فيها قوما جبارين) ، تلقون للهجر حولا كميلا ، (ولا تلحني فيها فإني لحبها أخاك مصاب القلب جم بلا بله) ، ألا ترى أنه قد فصل بين أن واسمها بما يتعلق بخبرها ولو كان بغير الظرف لم يجز ذلك فإذا لم يجيزوا الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالظرف في الكلام مع اتساعهم في الظرف في الكلام وإنما جاء في الشعر فأن لا يجوز في المفعول به الذي لم يتسع فيه بالفصل به أجدر وقال الزمخشري وأما قراءة ابن عامر بالفصل بينهما بغير الظرف فشيء لو كان في مكان الضرورات وهو الشعر لكان سمجا مردودا فكيف به في الكلام المنثور فكيف به في القرآن المعجز بحسن نظمه وجزالته ، قال والذي حمله على ذلك أنه رأى في بعض المصاحف-شركائهم-مكتوبا بالياء ولو قريء بجر الأولاد والشركاء لأن الأولاد شركاؤهم في أموالهم لوجد في ذلك مندوحة عن هذا الارتكاب ، قلت فإلى هذا الكلام وشبهه أشار الناظم يلوم قائله ثم ذكر وجه هذه القراءة فقال
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

(674)
وَمَعْ رَسْمِهِ زَجَّ الْقَلُوصَ أَبِي مَزَادَةَ اْلأَخْفَشُ النَّحْوِيُّ أَنْشَدَ مُجْمِلاَ
أي ومع كون الرسم شاهدا لقراءة ابن عامر وهو جر-شركائهم-وأما نصب الأولاد فليس فيه إلا النقل المحض لأن الرسم كما يحتمل نصب الأولاد يحتمل أيضا جرها كما سبق وهو الذي رجحه أهل النحو على القول باتباع هذا الرسم أي مع شهادة هذا البيت الذي ورد أيضا بالفصل بين المضافين بالمفعول به وهو ما أنشده الأخفش ولعله أبو الحسن سعد بن مسعدة النحوي صاحب الخليل وسيبويه ، (فزججتها بمزجة زج القلوص أبي مزادة) ، أي زج أبي مزادة القلوص فالقلوص مفعول ويروي فزججتها متمكنا ويروي فتدافعت قال الفراء في كتاب المعاني بعد إنشاده لهذا البيت وهذا مما كان يقوله نحويو أهل الحجاز ولم نجد مثله في العربية وقال في موضع آخر ونحويو أهل المدينة ينشدون هذا البيت والصواب زج القلوص بالخفض وقال أبو العلاء أحمد بن سليم المعري في كتاب شرح الجمل واختار قوم أن يفصلوا بين المضاف والمضاف إليه بالمصدر كما يفصل بينهما بالظرف قال وليس ذلك ببعيد وقد حكى أن بعض القراء قرأ (فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله) ، على تقدير مخلف رسله وعده قال وزعموا أن عيسى ابن عمر أنشد هذا البيت ، (فزججته متعرضا زج القلوص أبي مزاح) ، قال هكذا الرواية عنه وقد روي أبي مزادة قال أبو علي الفارسي وجه ذلك على ضعفه وقلة الاستعمال له أنه قد جاء في الشعر الفصل على حد ما قرأ قال الطرماح ، (يطفن بحوزي المراتع لم ترع بواديه من قرع لقسي الكنائن) ، قال وزعموا أن أبا الحسن أنشد زج القلوص أبي مزادة فهذان البيتان مثل قراءة ابن عامر قال ابن جني في بيت الطرماح لم نجد فيه بدا من الفصل لأن القوافي مجرورة قال في زج القلوص فصل بينهما بالمفعول به هذا مع قدرته على أن يقول زج القلوص أبو مزادة كقولك سرني أكل الخبز زيد قال وفي هذا البيت عندي دليل على قوة إضافة المصدر إلى الفاعل عندهم وأنه في نفوسهم أقوى من إضافته إلى المفعول ألا تراه ارتكب هنا الضرورة مع تمكنه من ترك ارتكابها لا لشيء غير الرغبة في إضافة المصدر إلى الفاعل دون المفعول قال أبو الحسن الحوفي احتج ابن الأنباري لهذه القراءة فقال قد جاء عن العرب هو غلام إن شاء الله أخيك ففرق بإن شاء الله ويروى أن عبد الله بن ذكوان قال سألني الكسائي عن هذا الحرف وما بلغه من قرائتنا فرأيته كأنه أعجبه ونزع بهذا البيت ، (تنفى يداها الحصى في كل هاجرة نفي الدراهم تنقاد الصياريف) ، فنصب الدراهم ورواه غيره بخفض الدراهم ورفع تنقاد على الصحة قلت وإنما أعجب الكسائي لأنه وافق عنده ما بلغه من جوازه لغة ومثله ما أنشده غيره (فداسهم دوس الحصاد الدائس ) ، أي دوس الدائس الحصاد وفي شعر أبي الطيب (سقاها الحجى سقي الرياض السحائب ) ، أي سقى السحائب الرياض قال أبو الحسن ابن خروف يجوز الفصل بين المصدر والمضاف إليه بالمفعول لكونه في غير محله فهو في نية التأخير ولا يجوز بالفاعل لكونه في محله وعليه قراءة ابن عامر ، قلت وقد أنشد الشيخ أبو العلاء المعري في شرحه بيتا فيه الفصل بالفاعل وبالجار والمجرور معا وهو ، (تمر على ما تستمر وقد شفت غلائل عبد القيس منها صدورها) ، أي شفت عبد القيس غلائل صدورها منها ، وجاء الفصل أيضا بالمنادى المضاف أنشد ابن جني في كتاب الخصائص ، (كأن برذون أبا عصام زيد حمار دق باللجام) ، قال أي كأن برذون زيد يا أبا عصام حمار دق باللجام ، قلت ووجدت في شعر أسند إلى الفرس معاوية يخاطب به عمرو بن العاص رحمهما الله تعالى ، (نجوت وقد بل المرادى سيفه من ابن أبي شيخ الأباطح طالب) ، أي من ابن أبي طالب شيخ الأباطح ففصل بين مضاف ومضاف إليه وهو صفة لذلك المضاف والمضاف إليه وابن أبي طالب هو علي رضي الله عنه ولا يعد فيما استبعده أهل النحو من جهة المعنى وذلك أنه قد عهد تقدم المفعول على الفاعل المرفوع لفظا فاستمرت له هذه المرتبة مع الفاعل المرفوع تقديرا فإن المصدر لو كان منونا لجاز تقدم المفعول على فاعله نحو أعجبني ضرب عمرا زيد فكذا في الإضافة وقد ثبت جواز الفصل بين حرف الجر ومجروره مع شدة الاتصال بينهما أكثر من شدته بين المضاف والمضاف إليه في نحو قوله تعالى (فبما نقضهم ميثاقهم)-(فبما رحمة من الله) ، فإن قالوا ما زائدة فكأنها ساقطة في اللفظ لسقوطها في المعنى ، قلت والمفعول المقدم هو في غير موضعه معنى فكأنه مؤخر لفظا ولا التفات إلى قول من زعم أنه لم يأت في الكلام المنثور مثله لأنه ناف ومن أسند هذه القراءة مثبت والإثبات مرجح على النفي بإجماع ولو نقل لي هذا الزاعم عن بعض العرب أنه استعمله في النثر لرجع عن قوله فما باله لا يكتفي بناقلي القراءة عن التابعين عن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ثم الذي حكاه ابن الأنباري فيه الفصل في غير الشعر بجملة مستقلة مركبة من فعل وفاعل مع حرف شرط مما يقوي ما ذكرناه أنهم التزموا أن الفصل بالجار والمجرور لم يأت إلا في الشعر وقد روت الرواة في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الفصل بهما وهو نحو قوله صلى الله عليه وسلم فهل أنتم تاركوا لي صاحبي و تاركوا لي أمرائي ، أي تاركوا صاحبي لي وتاركوا أمرائي لي فلم يبق لهم تعلق بأنه لم يأت في الكلام المنثور فصل بالمفعول ولا بالظرف ونحوه والله أعلم ، قال أبو القاسم الكرماني في لباب التفاسير قراءة ابن عامر وإن ضعفت في العربية للإحالة بين المضاف والمضاف إليه فقويت في الرواية عالية وفي كتاب الخصائص لابن جني بأن ما يرد عن العربي مخالفا للجمهور إذا اتفق شيء من ذلك نظر في حال العربي وفيما جاء به فإن كان فصيحا وكان ما أورده مما يقبله القياس فإن الأولى أن يحسن الظن به وقد يمكن أن يكون ذلك وقع إليه من لغة قديمة قد طال عهدها وعفا رسمها أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد بن أبي الحجاج عن أبي خليفة الفضل ابن الحباب قال قال ابن عون عن ابن سيرين قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه فجاء الإسلام فتشاغلت عنه العرب بالجهاد وغزو فارس والروم ولهيت عن الشعر وروايته فلما كثر الإسلام وجاءت الفتوح واطمأنت العرب في الأمصار راجعوا رواية الشعر فلم يثوبوا إلى ديوان مدون ولا كتاب مكتوب وألفوا ذلك وقد هلك من هلك من العرب بالموت والقتل فحفظوا أقل ذلك وذهب عنهم كثيره قال وحدثنا أبو بكر عن أبي خليفة قال قال يونس بن حبيب قال أبو عمرو بن العلاء ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلا أقله ولو جاءكم وافرا لجاءكم علم وشعر كثير قال أبو الفتح إذا كان الأمر كذلك لم يقطع على الفصيح يسمع منه ما يخالف الجمهور بالخطأ ما وجد طريق إلى تقبل ما يورده إذا كان القياس يعاضده ، قلت وقد بينا وجه القياس في هذه القراءة وقد حان نقلها من طريق صحيح وبالله التوفيق ، وقول الناظم رحمه الله أبي مزادة الأخفش بفتح الهاء من مزادة أراد أن يأتي بلفظ الشاعر فأبقى الهاء ساكنة فلقيها سكون اللام في الأخفش فلزم تحريكها ففتحها على حد قوله سبحانه (الم الله) ، في أول آل عمران ولو أبدل الهاء تاء على الأصل وفتحها لكان له وجه لأنه واصل وشاعرها أبدلها هاء للوقف ولكن كان يفوت لفظ الحكاية وكان بعض الشيوخ يجيزوا قراءته بالتاء ولم نسمعه من الشيخ أبي الحسن رحمه الله إلا بالهاء واتفق أني رأيت الشيخ الشاطبي رحمه الله في المنام وسألته عنه أهو بالتاء أو بالهاء فقال بالهاء والله أعلم
(675)
وَإِنْ يَكُنَ أنِّثْ (كُـ)ـفْؤَ صِدْقٍ وَمَيْتَةٌ (دَ)ـنَا (كَـ)ـافِيًا وَافْتَحْ حِصَادِ (كَـ)ـذِي (حُـ)ـلاَ
فتح نون يكن بإلقاء حركة همزة أنث إليها ثم حذف الهمزة وكسر الدال من حصاد على حكاية لفظ القرآن وكفؤ صدق منصوب على الحال وكذا كافيا وكذى حلا في موضع الحال أي كائنا كصاحب حلا وهو جمع حلية أراد (وإن تك ميتة فهم فيه شركاء) ، فرفع ميتة على أن كان تامة أي وإن يوجد في بطنها ميتة وتأنيث ميتة غير حقيقي فلهذا ذكر ابن كثير ومن نصب ميتة وأنث تكن قدر وإن تكن الأجنة ميتة وهي قراءة أبي بكر وقراءة الباقين على وإن يكن ما في بطونها ميتة وقول الناظم رحمه الله وميتة يعني بالرفع وإطلاقه دال على ذلك والحصاد بفتح الحاء وكسرها لغتان فالفتح قراءة ابن عامر وأبي عمرو وعاصم ورمزه في البيت الآتي وهو
(676)
(نَـ)ـمَا وَسُكُونُ المَعْزِ (حِصْنٌ) وَأَنَّثُوا يَكُونُ (كَـ)ـمَا (فِـ)ـي (دِ)ينِهِمْ مَيْتَةٌ (كَـ)ـلاَ
أشار بقوله نما إلى عاصم ومعناه اشتهر وانتشر من نما المال وغيره ينمي إذا زاد والمعز بإسكان العين وفتحها لغتان اسم جمع لماعز كتجر وخدم ومن أنث يكون ورفع ميتة جعل كان تامة ومن نصب ميتة وأنث يكون فعلى ما تقدم في مثلها في (ثم لم تكن فتنتهم) ، بنصب الفتنة وتأنيث تكن أنث الفعل لتأنيث الخبر أو على تقدير إلا أن تكون الأنعام أو الجنة أو النفس ميتة ومن نصب ميتة وذكر يكون قدر إلا أن يكون الموجود ميتة وكلا معناه حرس لأن الرفع مع التأنيث قراءة واضحة بخلاف التأنيث مع النصب وموضع قوله إن يكون ميتة نصب على البدل من محرما كما تقول لا أحد كريما إلا زيدا أو عمرا فقوله (أو دما مسفوحا أو لحم خنزير أو فسقا) ، كلها معطوفات على موضع أن يكون ميتة سواء قرئت صفة بالنصب أو بالرفع كأنه قال لا أجد محرما إلا ميتة أو دما أو لحم خنزير أو فسقا ويجوز على قراءة ميتة بالنصب أن تكون المنصوبات بعدها عطفا عليها والله أعلم
(677)
وَتَذَّكَّرُونَ الْكُلُّ خَفَّ (عَـ)ـلَى (شَـ)ـذَا وَأَنَّ اكْسِرُوا (شَـ)ـرْعًا وَبِالْخِفِّ (كُـ)ـمِّلاَ) الكل
الكل يعني حيث جاء والتخفيف في الذال لا في الكاف الأصل تتذكرون فمن خفف حذف التاء الثانية ومن شدد أدغمها في الذال والشذا بقية القوة والشدة أي خف على قوة من الحجج (وأن هذا صراطي مستقيما) ، كسرة على لاستئناف والفتح على حذف حرف الجر أي ولأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه قال أبو علي من فتح أن فقياس قول سيبويه أنه حملها على فاتبعوه لأنه قال في قوله (لإيلاف قريش)-(وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون)-(وأن المساجد لله) ، إن المعنى لهذا فليعبدوا رب ولأن هذه أمتكم ولأن المساجد لله (فلا تدعوا مع الله أحدا) ، فكذلك قوله ولـ (أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه) ، قال ومن خفف يعني وفتح فإن المخففة في قوله تتعلق بما تتعلق به المشددة وموضع هذا رفع بالابتداء وخبره صراطي وفي أن ضمير القصة والحديث والفاء في قوله فاتبعوه مثل الفاء في قولك بزيد فامرر وعلى قراءة الكسر عاطفة جملة على جملة وعلى القول الأول زائدة وقال الفراء تفتح إن بوقوع اتل عليها وإن شئت جعلتها خفضا يريد (ذلكم وصاكم به)-(وبأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه) ، وقول الناظم وبالخف كملا أي كملت وجوه القراءة فيها لأنها ثلاثة وقد ذكرها والله أعلم
(678)
وَيَأْتِيَهُمْ (شَـ)ـافٍ مَعَ النَّحْلِ فَارَقُوا مَعَ الرُّومِ مَدَّاهُ خَفِيفًا وَعَدَّلاَ
يعني (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة) ، هنا وفي النحل قرأهما بالياء حمزة والكسائي على التذكير والباقون بالتاء ووجههما ظاهر لأن تأنيث الجماعة غير حقيقي وقرأ حمزة والكسائي أيضا (فارقوا دينهم) ، وفي الروم على وزن قاتلوا والباقون-فرقوا-بتشديد الراء من التفريق والأول من المفارقة وهما متقاربان لأن من فرق دينه فآمن ببعض وكفر ببعض فقد فارق الدين المأمور به والله أعلم
(679)
وَكَسْرٌ وَفَتْحٌ خَفَّ فِي قِيَماً ذَكَا وَيَا آتُهَا وَجْهِي مَمَاتِيَ مُقْبِلاَ
خف صفة وفتح أي افتح من غير تشديد فالقراءة الأخرى بالكسر والتشديد في الياء مع فتح القاف وقد تقدم الكلام في (قيما) ، في سورة النساء ثم ذكر من ياءات الإضافة ياءين أحدهما (وجهي) ، للذي فتحها نافع وابن عامر وحفص والثانية ومماتي فتحها نافع وحده وقول الناظم مقبلا حال من محذوف تقديره خذه مقبلا عليه وهو اعتراض بين عدد الياءات ويجوز أن يكون التقدير أتى ذلك مقبلا وظاهر الكلام فيه معنى حسن فإن الوجه معناه القصد فكأنه قال وجهي مماتي في حال كون الممات مقبلا إلى الإنفكاك لي منه والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

(680)
وَرَبِّي صِرَاطِي ثُمَّ إِنِّي ثَلاَثَةٌ وَمَحْيَايَ وَالإِسْكَانُ صَحَّ تَحَمُّلاَ
أراد (ربي إلى صراط) ، فتحها نافع وأبو عمرو و(صراطي مستقيما) ، فتحها ابن عامر وحده إني في ثلاثة مواضع (إني أمرت) ، فتحها نافع وحده (إني أخاف إن عصيت)-(إني أراك وقومك) ، فتحهما الحرميان وأبو عمرو و-محياي-أسكنها قالون وورش بخلاف عنه فهي ثمان ياءات ثم أكد صحة الإسكان في-محياي-من جهة النقل بقوله والإسكان صح تحملا لأن النحاة طعنوا فيه كما سبق ذكره ونصب تحملا على التمييز وإنما قال ذلك لأجل ما قاله أبو عمرو الداني في كتاب الإيجاز قال أوجه الروايتين وأولاهما بالصحة رواية من روى الإسكان إذ هو الذي رواه ورش عن نافع دون غيره وإنما الفتح اختيار من ورش وقد كان له اختيار يأخذ به يخالف فيه ما رواه عن نافع وربما لم يبينه للقاريء متحملة عنه على أنه يرويه عن نافع وقال أبو الأزهر وداود بن أبي طيبة أمرني عثمان بن سعيد أن أنصبها مثل مثواي وزعم أنه أقيس في النحو وقال يونس بن عبد الأعلى قال لي عثمان بن سعيد وأحب إلي أن ينصب-محياي-ويوقف-مماتي- ، قلت ونعم ما اختاره ورش من فتح ياء-محياي-وقد أتى في باب ياءات الإضافة تقرير ذلك وفيها زائدة واحدة (وقد هدان) -(ولا أخاف) ، أثبتها في الوصل أبو عمرو وحده وانتظمت لي موضع قوله والإسكان صح تحملا فقلت زيدت-قد هداني-لمن تلا
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

سورة الأعراف
(681)
وَتَذَّكَّرُونَ الْغَيْبَ زِدْ قَبْلَ تَائِهِ (كَـ)ـرِيماً وَخِفُّ الذَّالِ (كَـ)ـمْ (شَـ)ـرَفاً (عَـ)ـلاَ
أي زاد ابن عامر ياء فقرأ ( قليلا ما يتذكرون) ، وخفف الذال والباقون لم يزيدوا هذه الياء الدالة على الغيب وهم في تخفيف الذال وتشديدها مختلفون على ما سبق في الأنعام وإنما احتاج إلى إعادة الكلام في تخفيف الذال هنا لأجل زيادة ابن عامر على تخفيفها وقد سبق الكلام في تعليل مثل هذه القراءات وفي معنى قوله كم شرفا علا في سورة النساء والله أعلم
(682)
مَعَ الزُّخْرُفِ اعْكِسْ تُخْرَجُونَ بِفَتْحَةٍ وَضَمٍّ وَأُولَى الرُّومِ (شَـ)ـافِيهِ (مُـ)ـثِّلاَ
أراد (ومنها تخرجون يا بني آدم) ، وفي الزخرف (بلدة ميتا كذلك تخرجون) ، والأولى من الروم (وكذلك تخرجون ومن آياته) ، احترز من الثانية وهي (ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون) ، فإنهم أجمعوا على أن الفعل فيه مسندا إلى الفاعل فاختلفوا في المواضع الثلاثة المذكورة فقرأها حمزة والكسائي وابن ذكوان كذلك مسماة للفاعل وقرأها غيرهم على بناء الفعل للمفعول ووجه القراءتين ظاهر لأنهم أخرجوا فخرجوا فقوله بفتحة يعني في التاء وضم يعني في الراء ولو قال بفتحة فضم فعطف بالفاء كان أجود من الواو هنا لأن قراءة الباقين أيضا بضم وفتحة والواو لا تقتضي ترتيبا وإذا قيل ذلك بالفاء بان أن الضم بعد الفتحة فيفهم أنها على إسناد الفعل إلى الفاعل وفائدة قوله اعكس أن يجعل مكان فتحة التاء ضمة ومكان الضم فتحا ولولا قوله اعكس لجعلت مكان الفتحة كسرة لأنها ضدها
(683)
بِخُلْفٍ (مَـ)ـضى فِي الرُّومِ لاَ يَخْرُجُونَ (فِـ)ـي (رِ)ضا وَلِباَس الرَّفْعُ (فِـ)ـي (حَقِّ نَـ)ـهْشَلاَ
أي عن ابن ذكوان خلاف في أولى الروم المذكورة وقوله مضى رمزه ولو لم يرمز لكان معلوما لأن ذكره للخلف مهما أطلقه بعد رمزين أو أكثر رجع إلى آخر رمز هذه عادته ولكنه اضطر هنا إلى كلمة يتزن البيت بها فلو أتى بغير ما في أوله ميم لأوهم رمزا لغير ابن ذكوان فكان رمز الميم أولى ولأن فيه زيادة بيان ويجوز أن يقال هذا الموضع لا نظير له فإن المواضع التي يطلق فيها الخلف بعد رمز متعدد يكون الخلف فيها راجعا إلى الحرف المرموز له وهنا رجع الخلف إلى بعض المذكور وهو موضع واحد من ثلاثة فلو قال بخلف الذي في الروم لظن أن الخلف فيه للجميع وأن الموضعين الآخرين لا خلف فيهما فأزال الوهم بالرمز والله أعلم ، ثم قال-لا يخرجون-يعني الذي في الجاثية (فاليوم لا يخرجون منها) ، انفرد حمزة والكسائي عن ابن ذكوان بقراءته بفتح الياء وضم الراء وهو مشتبه بالذي في الحشر (لئن أخرجوا لا يخرجون معهم) ، فليس في فتح يائه خلاف وقوله في رضى أي كائن في رضى من قبول العلماء له وفي ظاهر العبارة أيضا معنى حسن وهو أن الكفار لا يخرجون مرضيا عنهم بل يخرجون من عذاب إلى عذاب أعاذنا الله برحمته والقراءتان في جميع ذلك مثل-يرجعون-و-يرجعون-وأما (ولباس التقوى) ، بالنصب فعطف على ما قبله قال أبو علي ومن رفع قطع اللباس في الأول واستأنف به فجعله مبتدأ وقوله ذلك صفة أو بدل أو عطف بيان ومن قال إن ذلك لغو يعني فصلا لم يكن على قوله دلالة لأنه يجوز أن يكون على حد ما ذكرنا وخير خبر اللباس والمعنى لباس التقوى خير لصاحبه إذا أخذ به وأقرب له إلى الله تعالى مما خلق له من اللباس والرياش الذي يتجمل به وأضيف اللباس إلى التقوى كما أضيف إلى الجوع والخوف في قوله تعالى (فأذاقها الله لباس الجوع والخوف) ، وقال غير أبي علي ولباس بالرفع خبر مبتدأ أي وهو لباس التقوى فيكون وهو ضمير اللباس المواري للسوأة سماه لباس التقوى لستره العورة لأن كشفها محرم ينافي التقوى وإليه الإشارة بقوله-ذلك خير-أي خير في نفس الأمر أي خير من الريش المتجمل به والذي يظهر من قراءة النصب أنه استعار التقوى لباسا كما استعار للجوع والخوف مجازا ثم أشار إليه بقوله-ذلك خير-أي مما تقدم أو المجوع خير في نفسه أو خير من عدمه كما قال سبحانه في موضع آخر (ذلك خير لكم وأطهر) ، وإذا دلتنا قراءة النصب على أن لباس التقوى غير اللباس المواري للسوأة فالأولى جعل قراءة الرفع كذلك فيكون مبتدأ وذلك إشارة إليه للعلم به والحث عليه من الشارع في عدة مواضع وما أحسن قول الشاعر ، ( إذا المرء لم يلبس ثيابا من التقى تقلب عريانا وإن كان كاسيا) ، وإعراب قول الشاطبي ولباس الرفع كما سبق في قوله والميتة الخف خولا في آل عمران وقد سبق تفسير قوله في حق نهشلا في سورة النساء أي يتسلى بذلك المنقول من الضعفاء العاجزين عن لباس الزينة في الدنيا والله أعلم
(684)
وَخَالِصَةٌ (أَ)صْلٌ وَلاَ يَعْلَمُونَ قُلْ لِشُعْبَةَ فِي الثَّانِي وَيُفْتَحُ (شَـ)ـمْلَلاَ
هذا البيت جامع لثلاث مسائل استعمل فيها الرفع والغيب والتذكير وهي الأمور التي يستغنى بها لفظا عن القيد ، المسألة الأولى (خالصة يوم القيامة) ، القراءة فيها دائرة بين الرفع والنصب فكان إطلاقه لها من غير قيد دليلا على أنه أراد الرفع لمن رمز له وهو نافع وحده فالباقون بالنصب فوجه الرفع أن يكون-خالصة-خبر المبتدأ الذي-هو هي وقوله-للذين آمنوا-متعلق بالخبر وفي الحياة معمول آمنوا أي هي خالصة يوم القيامة للمؤمنين في الدنيا ويجوز أن يكون للذين آمنوا خبر المبتدأ وخالصة خبر بعد خبر وفي الحياة الدنيا معمول الأول أي استقرت في الدنيا للمؤمنين وهي خالصة يوم القيامة وخالصة بالنصب على الحال أي هي للمؤمنين في الدنيا على وجه الخلوص يوم القيامة بخلاف الكافرين فإنهم وإن نالوها في الدنيا فما لهم في الآخرة منها شيء وذكر أبو علي وجوها كثيرة فيما يتعلق به قوله في الدنيا قال الشيخ ومعنى قوله أصل أنها خلقت للذين آمنوا بطريق الأصالة في الدنيا والآخرة وإنما شاركهم غيرهم في الدنيا بطريق التبعية ، المسئلة الثانية (قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون) ، القراءة فيها دائرة بين الغيب والخطاب فكان إطلاقه لها من غير قيد دليلا على أنه أراد الغيب لشعبة وحده والباقون بالخطاب ووجه القراءتين ظاهر سبق لهما نظائر وقوله في الثاني احترز به من قوله تعالى (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) ، فإنه بالخطاب من غير خلاف فإن قلت هلا قال في الثالث فإن قبل هذين الموضعين ثالثا وهو (إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون) ، وهو أيضا بالخطاب بلا خلاف قلت أراد الثاني بعد كلمة خالصة التي ذكر الخلاف فيها ولم يحتج إلى الاحتراز عما تقدم خالصة فإن ذلك يعلم أنه لا خلاف فيه لأنه تعداه ولو كان فيه خلاف لذكره قبل خالصة هذا غالب نظمه وإن كان في بعض المواضع يقدم حرفا على حرف على ما يواتيه النظم ولكن الأصل ما ذكرناه ونظير ما فعله هنا ما يأتي في سورة يونس من قوله وذاك هو الثاني يعني لفظ ننجي بعد نجعل وهو ثالث إن ضممت إليه آخر قبل نجعل على ما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى والدليل على أنه يراعي ترتيب الحروف ولا يحتاج إلى أن يحترز عن السابق قوله في سورة المؤمنين صلاتهم شاف أراد التي بعد أماناتهم ولم يحترز عن قوله (الذين هم في صلاتهم خاشعون) ، لأنها سبقت ذكر أماناتهم وهذه مواضع حسنة لطيفة يحتاج من يروم فهم هذا النظم أن ينظر فيها واو أنه قال وخالصة أصل وشعبة يعلمون بعد ولكن لا لما احتاج إلى ذكر ثان ولا ثالث ، المسئلة الثالثة (لا يفتح لهم أبواب السماء) ، اختلف فيها في موضعين أحدهما المذكور في هذا البيت وهو التذكير والتأنيث وكان إطلاق الناظم في قوله ويفتح شمللا دليلا على أنه أراد التذكير لحمزة والكسائي ووجه القراءتين ظاهر لأن تأنيث الأبواب ليس بحقيقي وقد وقع الفصل بين الفعل وبينها ثم ذكر الموضع الثاني فقال
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

(685)
وَخَفِّفْ (شَـ)ـفَا (حُـ)ـكْماً وَماَ الْوَاوَ دَعْ (كَفى) وَحَيْثُ نَعَمْ بِالْكَسْرِ فِي الْعَيْنِ (رُ)تِّلاَ
أي وافق أبو عمرو وحمزة والكسائي على تخفيف-يفتح لهم-ولم يوافقهما في التذكير فصار فيها ثلاث قراءات التذكير مع التخفيف والتأنيث مع التخفيف وقراءة الباقين التأنيث مع التشديد فالتخفيف من فتح والتشديد من فتح وقد تقدم نظيرهما وقوله وما الواو دع الواو بالنصب مفعول دع أي اترك الواو أسقطها من قوله تعالى (وما كنا لنهتدي) ، قرأها ابن عامر كذلك لأن الواو لم ترسم في مصحف الشام وهو نظير قراءته في سورة البقرة (قالوا اتخذ الله) ، والباقون بالواو فيهما على ما رسم في مصاحفهم ووجه إثبات الواو فائدة العطف وسقوطها الاستئناف أو الاستغناء عنها وإليه الإشارة بقوله كفى قال أبو علي كأن الجملة ملتبسة بما قبلها فأغنى القياس به عن حرف العطف قال ومثل ذلك قوله تعالى (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم) ، فاستغنى عن الحرف العاطف بالتباس إحدى الجملتين بالأخرى ونعم بفتح العين وكسرها لغتان وهو حرف مستعمل تارة عدة وتارة تصديقا وقوله وحيث نعم أي وحيث هذا اللفظ موجود في القرآن ففيه هذا الخلاف والله أعلم
(686)
وَأَنْ لَعْنَةُ التَّخْفِيفِ وَالرَّفْعُ (نَـ)ـصُّهُ (سَماَ ) مَا خَلاَ الْبَزِّي وَفِي النُّورِ (أُ)وصِلاَ
يريد (أن لعنة الله على الظالمين) ، وتخفيفه في نون أن والرفع في آخر-لعنة-لأنه إذا خففت أن بطل عملها وارتفع ما بعدها بالابتدا والخبر وأضمر بعد أن ضمير الشأن وقرأ نافع وحده بمثل هذا في سورة النور في قوله سبحانه (أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين) ، وكذلك يقرأ أيضا (أن غضب الله) ، على ما سيأتي في مكانه وقراءة الباقين ظاهرة في المواضع الثلاثة بتشديد أن ونصب ما بعدها على أنه اسمها وأسكن ياء البزي وخففها ضرورة والله أعلم
(687)
وَيُغْشِي بِهاَ وَالرَّعْد ثَقَّلَ (صُحْبَةٌ) وَوَالشَّمْسُ مَعْ عَطْفِ الثَّلاَثَةِ كَمَّلاَ
يريد (يغشى الليل النهار) ، بهذه السورة وبالرعد التخفيف فيها والتشديد لغتان ويقال أغشى وغشي مثل انزل ونزل وأما (والشمس والقمر والنجوم مسخرات) ، فقرئت الأربعة بالرفع والنصب أما الرفع فعلى الابتداء والخبر مسخرات وأما النصب فعلى تقدير وخلق الشمس والقمر والنجوم مسخرات فيكون نصب مسخرات على الحال أو يكون على إضمار جعل فيكون مسخرات مفعولا به فقوله-والشمس-أدخلا واو العطف الفاصلة على واو التلاوة وأطلق لفظ الشمس ولم يقيد حركتها ليعلم أنها رفع ثم قال مع عطف الثلاثة يعني بالثلاثة-والقمر والنجوم مسخرات-وهذه الثلاثة منها اثنان معطوفان وثالث وهو-مسخرات-ليس معطوفا لكنه في حيز ما عطف فأعطاه حكمه فلهذا قال مع عطف الثلاثة أي مع الثلاثة المتصفة بالعطف فهو من باب سحق عمامة أي عمامة موصوفة بأنها سحق أي ذات سحق بمعنى بالية فكذا هذه الثلاثة موصوفة بأنها ذات عطف أي معطوفة وقوله كمل الرفع في الأربعة والفاعل هو القاريء أو هذا اللفظ لأن التكميل فيه كما سبق في خاطب
(688)
وَفِي النَّحْلِ مَعْهُ فِي الأَخِيرَيْنِ حَفْصُهُمْ وَنُشْراً سُكُونُ الضَّمِّ فِي الْكُلِّ (ذَ)لِّلاَ
معه أي مع ابن عامر في رفع الأخيرين حفص أي وافقه على رفع-النجوم مسخرات- في سورة النحل ولم يوافقه على رفع-والشمس والقمر-في النحل ولا على رفع الأربعة هنا في عبارة الناظم نظر وذلك أنها لا تخلو من تقديرين وكلاهما مشكل أحدهما أن يكون تقدير الكلام حفص وابن عامر على الرفع في الأخيرين في النحل فهذا صحيح ولكن لا يبقى في نظمه دلالة على أن ابن عامر يرفع الأولين في النحل لأن لفظه في البيت الأول لم يأت فيها مما يدل على الموضعين ولفظه في هذا البيت لم يتناول لا الأخيرين والتقدير الثاني أن يكون في النحل متعلقا بالبيت الأول كأنه قال برفع هذه الأربعة هنا وفي النحل ثم ابتدأ وقال معه في الأخيرين حفص وهذا وإن كان محصلا لعموم رفع الأربعة في الموضعين لابن عامر فلا يبقى في اللفظ دلالة على أن حفصا لم يوافقه لا على رفع الأخيرين في النحل فقط بل يبقى ظاهر الكلام أن حفصا موفقة على رفع الأخيرين في الموضعين فلو قال وفي النحل حفص معه ثم في الأخيرين نشرا إلى آخر البيت لاتضح المعنى بقوله ثم لدلالته على تخصيص موافقة حفص مما في النحل فقط والذي في النحل هو (وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات) ، فرفع الأربعة ظاهر على ما سبق ورفع الأخيرين على الابتداء والخبر والشمس والقمر نصبهما على ما توجه به نصب الأربعة وذلك بفعل مضمر وهو وخلق الشمس أو وفعل الشمس وما بعدهما فيكون مسخرات حالا أو مفعولا به كما مضى أو يقدر هذا الفعل قبل والنجوم ويكون الشمس والقمر معطوفين على الليل والنهار وإنما لم نقل ذلك في والنجوم مسخرات لأن الفعل الناصب هو وسخر فيصير المعنى وسخر النجوم مسخرات وهذا غير مستقيم ويجوز أن يكون المعنى ونتعلم هذه الأشياء في حال كونها مسخرات لما خلقن له أو يكون مسخرات بمعنى تسخيرات فيكون مصدرا أي سخرها أنواعا من التسخير كقوله سرحه مسرحا ووقع في تفسير الواحدي خلل في نقل قراءة حفص في النحل فقال وقرأ حفص مسخرات بالرفع وحدها وجعلها خبر مبتدإ محذوف كأنه قال هي مسخرات وأما نشرا من قوله تعالى (وهو الذي يرسل الرياح نشرا) ، وحيث شاء فأسكن شينا مدلول ذللا ومعنى ذلك سهل وقرب وقوله وسكون الضم مبتدأ ثان وقامت الألف واللام في الكلمة مقام الضمير العائد على المبتدإ الأول أي في كله أي في جميع مواضعه ثم قال
(689)
وَفي النُّونِ فَتْحُ الضمِّ (شَـ)ـافٍ وَعَاصِمٌ رَوى نُونَهُ بِالْبَاءِ نُقْطَةٌ اسْفَلاَ
قرأ حمزة والكسائي بفتح النون وسكون الشين على أنها مصدر في موضع الحال أو مؤكدا أي ذات نشر أو نشرها أي نحييها فنشرت نشرا أي حييت من أنشر الله الموتى فنشرها وأقام قوله يرسل الريح مقام ينشرها قال أبو زيد أنشر الله الريح إنشارا إذا بعثها وقراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو نشرا بضم النون والشين جمع نشور أو نشر وهي الريح الحية وقراءة ابن عامر على تخفيف هذه القراءة بضم النون وإسكان الشين وقراءة عاصم-بشرا بباء مضمومة وإسكان الشين جمع بشير من قوله تعالى (يرسل الرياح مبشرات) ، أي تبشر بالمطر والرحمة وقد مضى إعراب لفظ لقطة أسفلا في سورة البقرة أي لها لقطة أسفلها قيدها بذلك خوفا من التصحيف والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

(690)
وَرَا مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ خَفْضُ رَفْعِهِ بِكُلٍّ (رَ)سَا وَالْخِفُّ أُبْلِغُكُمْ (حَـ)ـلاَ
مجموع قوله-من له غير-في موضع خفض بإضافة راء إليه أي وراء هذا اللفظ حيث ياء خفض رفعها رسا أي ثبت ووجه الخفض أنه صفة إلى لفظا والرفع صفة له معنى لأن التقدير ما لكم إله غيره ومن زائد وأبلغ وبلغ لغتان كأغشى وغشى والقراءة بهما هنا في موضعين وفي الأحقاف فقول الناظم والخف مبتدأ وخبر حلا وأبلغكم منصوب بالمبتدأ لأنه مصدر كأنه قال وتخفيف أبلغكم حلا فأقام الخف مقام التخفيف فلما أدخل عليه لام التعريف نصب المضاف إليه مفعولا به وكان التخفيف مضافا إلى المفعول كما تقول ضرب زيد حسن ثم تقول الضرب زيد أحسن ومنه قول الشاعر ، (كررت فلم أنكل عن الضرب مسمعا ) ، والأصل عن ضرب مسمع والله أعلم
(691)
مَعَ أحْقَافِهاَ وَالْوَاوُ زِدْ بَعْدَ مُفْسِدِينَ (كُـ)ـفْؤاً وَبِالإِخْبَارِ إِنَّكُمُو (عَـ)ـلاَ
أي مع كلمة أحقافها وهي (وأبلغكم ما أرسلت به ولكني) ، والهاء عائدة على سور القرآن ليعلم بها ثم قال زد واوا بعد قوله مفسدين يريد قوله تعالى في قصة صالح (ولا تعثوا في الأرض مفسدين)-(وقال الملأ) ، رسمت الواو في مصحف الشام دون غيره فقرأها ابن عامر كذلك وحذفها الباقون كما أنه حذف واو (وما كنا لنهتدي) ، وأثبتها الباقون وكفرا حال من فاعل زد أو من الواو أي إثباتها مكافيء لحذفها إذ المعنى فيهما واحد قوله وبالإخبار متعلق بعلا أي أئنكم علا وارتفع بقراءته على الخبر أي بهمزة واحدة في قوله (أئنكم لتأتون الفاحشة) ، أخبر أنهم بما كانوا عليه توبيخا لهم وقرأه الباقون بزيادة همزة الاستفهام الذي بمعنى الإنكار وهم على أصولهم في تحقيق الثانية وتسهيلها والمد بين الهمزتين وترك المد والذي قرأ بالإخبار حفص ونافع وقد رمز له في أول البيت الآتي ، فإن قلت من أين يتعين أن الاستفهام ضد الإخبار حتى تعلم منه قراءة الباقين وإنما هما قسمان من أقسام الكلام والأمر والنهي والتمني والترجي كذلك ، قلت قد نطق بلفظ الاستفهام في قوله أئنكم علا فأغنى عن أحد الضدين الإخبار وكأن قال يقرأ هذا اللفظ على الخبر فيعلم أن قراءة الباقين بهذا اللفظ ويجوز أن يندرج ذلك تحت الإثبات والحذف فالإخبار حذف لهمزة الاستفهام وضد إثباتها والله أعلم
(692)
( أَلاَ وعَلَى الحِرْمِيُّ إنَّ لَنَا هُنَا وَأَوْ أَمِنَ الإسْكَانَ حَرْمِيُّه كَلا) ألا
ألا من تتمة رمز ما سبق وعلى في قوله وعلى الحرمي فعل ماض ارتفع به الحرمي وألا حرف تنبيه أخبر بعد بأن قراءة الحرمين (إن لنا لأجرا) ، بالإخبار قد علمت ولو كان على حرف جر لكان له معنى مستقيم أيضا أي على الحرميين قراءة-إن لنا-بالإخبار والواو في وعلى للفصل والعين رمز حفص لأن الواو زائدة على الكلمة فكأنه قال وحفص بخلاف العين في قوله وعى نفر فإنها متوسطة وسيأتي لهذا نظائر وكم صحبة يا كاف ودون عناد عم وحكم صحاب قصر همزة جاءنا وقد سبق في شرح الخطبة الكلام على هذا وقوله هنا احترازا من الذي في الشعراء فإنه بالاستفهام اتفاقا كقراءة الباقين هنا وأما (أو أمن أهل القرى) ، ففي واوه الإسكان والفتح فالإسكان على أنها حرف أو أي أفأمنوا هذا أو هذا وقراءة الجماعة على أنها واو العطف دخلت عليها همزة الاستفهام وهو استفهام بمعنى النفي وقوله الإسكان مبتدأ ثان والعائد إلى الأول محذوف أي الإسكان فيه و معنى كلا حفظ وحرس والله أعلم
(693)
(عَلَيَّ عَلَى خَصُّوا وَفي سَاحِرٍ بِهَا وَيُونُسَ سَحَّار شَفَا وتَسَلْسَلاَ
أي خصوا علي موضع على في قوله تعالى (حقيق على أن لا أقول) ، فقراءة نافع واضحة أي واجب على قول الحق وأن لا أقول على الله غيره وعلى فى قراءة الجماعة متعلقة برسول وحقيق صفته أي أني رسول على هذه الصفة وهي أني لا أقول إلا الحق وحقيق بمعنى حق أي أنا رسول حقيقة ورسالتي موصوفة بقول الحق قال ابن مقسم حقيق من نعت الرسول أي رسول حقيق من رب العالمين أرسلت على أن لا أقول على الله إلا الحق وهذا معنى صحيح واضح وغفل أكثر المفسرين من أرباب اللغة عن تعلق حرف على برسول ولم يخطر لهم تعلقه إلا بقوله حقيق فقال الأخفش والفراء على بمعنى الباء أي حقيق بأن لا أقول إلا الحق كما جاءت الباء بمعنى على في (ولا تقعدوا بكل صراط) ، وتبعهما الأكثرون على ذلك وذكر الزمخشري أربعة أوجه أخر ، أحدها أن يكون من المقلوب لا من الإلباس كقوله (وتشقي الرماح بالضياطرة الحمر ) ، ومعناه وتشقي الضياطرة بالرماح يعني فتكون بمعنى قراءة نافع أي قول الحق حقيق على فقلب اللفظ فصار أنا حقيق على قول الحق قال ، والثاني أن ما لزمك فقد لزمته فلما كان قول الحق حقيقا عليه كان هو حقيقا على قول الحق أي لازما له ، والثالث أن تضمن حقيق معنى حريص كما ضمن هيجني معنى ذكرني في بيت الكتاب يعني قوله ، (إذا تغنى الحمام الورق هيجني ولو تغربت عنها أم عمار) نصب أم عمار يهيجني لأنه استعمله بمعنى ذكرني ، قال والرابع أن يغرق موسى عليه السلام في وصف نفسه بالصدق أي أنا حقيق على قول الحق أي واجب على أن أكون أنا قائله والقائم به وكل هذه وجوه متعسفة وليس المعنى إلا على ما ذكرته أولا وقراءة حمزة والكسائي (يأتوك بكل سحَّار عليم) ، والباقون-بكل ساحر-وكذا في يونس (وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم) ، ولا خلاف في الذي في الشعراء أنه سحار بألف بعد الحاء كما قرأ حمزة والكسائي في الأعراف ويونس وساحر وسحار مثل عالم وعلام وفي التشديد مبالغة وتقدير نظم البيت وسحار شفا في موضع ساحر في الأعراف ويونس والمتسلسل الماء الذي يجري في الحلق سائغا سهل الدخول فيه يشير إلى الميل إليه لموافقته لفظ ما أجمع عليه في الشعراء
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

(694)
وَفِي الْكُلِّ تَلْقَفْ خِفُّ حَفْصٍ وَضُمَّ فِي سَنَقْتُلُ وَاكْسِرْ ضَمَّهُ مُتَثَقِّلاَ
لفظ في هذا البيت بقراءة حفص ولفظ بقراءة الجماعة في البقرة عند ذكر تاآت البزى ويروي ثلاثا في تلقف والتخفيف والتشديد في القاف ويلزم التخفيف سكون اللام والتشديد فتحها ولم ينبه عليه للعلم به من لفظه وقد سبق له نظائر وقوله وفي الكل يعني هنا تلقف وفي طه والشعراء فقراءة حفص من لقف يلقف كعلم يعلم وقراءة الباقين أصلها تتلقف فحذفت التاء الثانية تخفيفا كقوله تعالى (تنزل الملائكة والروح فيها) ، وتقدير النظم وتلقف مخفف حفص في الكل وأما (سنقتل أبناءهم) ، فالضم في النون وكسر الضم مع التشديد في التاء ومتثقلا حال من المكسور وهو الضم الذي بمعنى المضموم ثم تمم الكلام في ذلك فقال
(695)
وَحَرِّكْ (ذَ)كَا (حُـ)ـسْنٍ وَفِي يَقْتُلُونَ (خُـ)ـذْ مَعاً يَعْرِشُونَ الْكَسْرُ ضُمَّ (كَـ)ـذِي (صِـ)ـلاَ
أي حرك القاف بالفتح فيصير مستقبل قتل بتشديد التاء والقراءة الأخرى مستقبل قتل بتخفيف التاء وهما ظاهرتان وفي التشديد معنى التكثير وذكا بضم الذال والمد اسم الشمس وقصره ضرورة أي هي ذكا حسن يعني القراءة أي حرك مشبها شمس حسن ثم قال وفي يقتلون خذ أي فيه بما قيد به في سنقتل يعني (يقتلون أبناءكم) ، لم يخففه غير نافع وأما سنقتل فخففه نافع وابن كثير ثم قال معا يعرشون يعني هنا وفي النحل ضم الراء وكسرها لغتان وقوله كذى صلا أي كصاحب صلا والصلاء بالمد ذكا النار بالقصر واستعارها وذلك يستعار للتعبير به عن الذكاء الممدود وهو الفطنة أي ضم الكسر فيه مشبها ذلك والله أعلم
(696)
وَفي يَعْكُفُونَ الضَّمُّ يُكْسَرُ (شَـ)ـافِياً وَأَنْجى بِحَذْفِ الْيَاءِ وَالنُّونِ (كُـ)ـفِّلاَ
ضم الكاف وكسرها لغتان وقرأ ابن عامر (وإذ أنجاكم من آل فرعون)-(والباقون-أنجيناكم) وكلاهما ظاهر
(697)
وَدَكَّاءَ لاَ تَنْوِينَ وَامْدُدْهُ هَامِزاً (شَـ)ـفَا وَعَنِ الْكُوفِيِّ فِي الْكَهْفِ وُصِّلاَ
الدكاء بالمد الرابية الناشرة من الأرض كالدكة أي جعله كذلك يعني الجبل ههنا والسد في الكهف أو جعله أرضا مستوية ومنه ناقة دكاء للمستوية السنام ودكا بالقصر والتنوين في قراءة الجماعة مصدر بمعنى مدكوكا أو مندكا أي مندقا والمعنى دكه دكا مثل قعد جلوسا ومرفوع وصلا ضمير عائد على دكا الممدود غير النون أي وصل إلينا نقله عن الكوفيين في حرف الكهف والله أعلم
(698)
وَجَمْعُ رسَالاَتِي (حَـ)ـمَتْهُ (ذُ)كُورُهُ وَفي الرُّشْدِ حَرِّكْ وَافْتَحِ الضَّمَّ (شُـ)ـلْشُلاَ
يريد قوله تعالى (إني اصطفيتك على الناس برسالاتي) ، وقد سبق الكلام في إفراد رسالة وجمعها في سورة المائدة والأنعام وذكوره بمعنى سيوفه يشير بذلك إلى حجج القراءة وعدالة من نقلها والرشد والرشد لغتان كالبخل والبخل وقيل الرشد بالضم الصلاح وبالفتح الدين ولهذا أجمع على ضم-فإن آنستم منهم رشدا-وعلى فتح-فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا-أي حرك الشين بالفتح وافتح ضم الراء في حال خفته
(699)
وَفِي الْكَهْفِ (حُـ)سْنَاهُ وَضَمُّ حُلِيِّهِمْ بَكَسْرٍ (شَـ)ـفَا وَافٍ وَالاِتْبَاعُ ذُو حُلاَ
أي وفتح الذي في الكهف أبو عمرو وحده وهو قوله تعالى-على أن تعلمن مما علمت رشدا-وضمه الباقون وقبل هذا الحرف في الكهف موضعان لا خلاف في فتحهما وهما-وهيئ لنا من أمرنا رشدا-وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا-وذلك لموازنة رءوس الآي قبلهما وبعدهما نحو-عجبا-عددا-أحدا-وأما وجه الإسكان في الثالث المختلف فيه فلأن قبله-علما-وبعده-صبرا-فرشدا بالضم والإسكان يوافقه فاتفق أن اللفظ المختلف فيه في الصورتين هو واقع في قضية موسى عليه السلام ولعل الناظم أشار بقوله حسناه إلى حسن القراءتين وهو مصدر على فعلى كحسنى أو هو تثنية حسن أي حسنا هذا اللفظ وحسناه قراءتاه وحلى جمع حلى الأصل ضم الحاء ومن كسرها أتبعها كسرة اللام فلهذا قال والاتباع ذو حلا تعليلا لهذه القراءة أي الإتباع معروف في لغة العرب مستحسن عندهم وليس قوله ذو حلا برمز فإن رمز قراءة الكسر في قوله شفا والاتباع هي بكسر الحاء وهو يوهم أنه رمز لقراءة أخرى في باديء الرأي فلو كان حذفه وقيد موضع الخلاف في الكهف كان أولى فيقول ، (وفي ثالث في الكهف حز وحليهم بكسر لضم الحاء الاتباع شمللا) ، والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

(700)
وَخَاطَبَ يَرْحَمْنَا وَيَغْفِرْ لَنَا (شَـ)ـذاً وَبَا رَبَّنَا رَفْعٌ لِغَيْرِهِمَا انْجَلاَ
أي مشبها شذا أو ذا شذا وهو العود لأنهما قرءا على الخطاب ونصبا ربنا على حذف حرف النداء وقراءة الباقين على الغيب وإسناد الفعلين إلى ربنا فلهذا رفع على الفاعلية
(701)
وَمِيمَ ابْنَ أُمَّ اكْسِرْ مَعًا (كُفْؤَ) (صُحْبَةٍ) وَآصَارَهُمْ بِالْجَمْعِ وَالْمَدِّ (كُـ)ـلِّلاَ
معا يعني هنا ونى طه وفتح الميم وكسرها لغتان وإفراد الإصر وجمعه مضت نظائره وهو الثقل من التكاليف وغيرها وكفؤا حال من فاعل اكسر أو مفعوله وقد مضى في النساء معنى كللا
(702)
خَطِيئَاتُكُمْ وَحْدَهُ عَنْهُ وَرَفْعُهُ (كَـ)ـمَا (أَ)لَّفُوا وَالْضَّمِيرُ بِالْكَسْرِ عَدَّلاَ
عنه أي عن ابن عامر ورفع التاء له ولنافع لأنهما قرءا يغفر بإسناد الفعل إلى المفعول فلزم رفع خطيئتكم لابن عامر وخطيئاتكم لنافع وإنما كسر الباقون التاء علامة للنصب في-خطيئاتكم-لأنهم يقرءون نغفر بإسناد الفعل إلى الفاعل فخطيئاتكم مفعوله وأبو عمرو قرأ خطايا على جمع التكسير فموضعهما نصب ومعنى ألفوا أجمعوا
(703)
وَلكِنْ خَطَايَا (حَـ)ـجَّ فِيهَا وَنُوحِهَا وَمَعْذِرَةً رَفْعٌ سِوى حَفْصِهمْ تَلاَ
أي وقرأ أبو عمرو في هذه السورة وفي سورة نوح-خطايا-على وزن مطايا والذي في نوح (مما خطاياهم أغرقوا) ، وقرأ الباقون بجمع السلامة-مما خطيئاتهم-وهو مشكل إذ لقائل أن يقول من أين يعلم ذلك فلعل الباقين قرءوا بالإفراد أو بعضهم بجمع السلامة وبعضهم بالإفراد كما قرءوا في الأعراف فلو أنه قال بعد قوله والغير بالكسر عدلا كنوح خطايا فيهما حج وحده أي كحرف نوح وأبو عمرو قرأ فيهما أي في الأعراف ونوح خطايا لم يبق مشكلا ولعله اجتزأ عن ذلك بقوله أولا خطيئاتكم وحده عنه فكأنه قال وهذا اللفظ قرأه أبو عمرو هنا وفي نوح خطايا فبقي الباقون في السورتين على ما لفظ به وهو خطيئاتكم ، فإن قلت هلا قال والغير بالخفض أو بالجر لأنها حركة إعراب لا بناء ، قلت هذه العبارة جيدة في حرف نوح لأنه مجرور وأما الذي في الأعراف فمنصوب وعلامة نصبه الكسرة فعدل إلى لفظ الكسر لأنه يشمل الموضعين والله أعلم ، وأما (معذرة إلى ربكم) ، فهو بالرفع خبر مبتدإ محذوف وبالنصب مصدر أو مفعول له وقال سيبويه بعد قوله فقالت حنان ما أتى بك ههنا ومثله في أنه على الابتداء وليس على فعل قوله تعالى (قالوا معذرة إلى ربكم) لم يريدوا أن يعتذروا اعتذارا مستأنفا من أمر ليسوا عليه ولكنهم قيل لهم-لم تعظون قوما-فقالوا-معذرة-أي موعظتنا معذرة إلى ربكم-قال ولو قال رجل لرجل معذرة إلى الله وإليك من كذا وكذا لنصب والله أعلم
(704)
وَبِيسٍ بِيَاءٍ (أَ)مَّ وَالْهَمْزُ (كَـ)ـهْفُهُ وَمِثْلَ رَئِيس غَيْرُ هذَيْنِ عَوَّلاَ
أراد (بعذاب بئيس) ، ومعنى أم قصد فقرأه نافع بتسهيل قراءة ابن عامر وقراءة ابن عامر بهمزة ساكنة محققة من بئس كحدر كما يقال كبد في كبد وقراءة غيرهما على وزن فعيل ظاهرة والكل صفة عذاب ومعناه الشدة من قولهم بؤس الرجل يبؤس بأسا إذا كان شديد البأس فعذاب بئيس مثل عذاب شديد ويجوز أن يكون وصفا بالمصدر من البأساء يقال بئس يبأس بؤسا وبئسا وبأسا وقال أبو علي في قراءة نافع بيس فجعل بئس الذي هو فعل اسما فوصف به مثل إن الله ينهى عن قيل وقال ، وقوله عول ليس برمز لأنه صرح بالقاريء في قوله غير هذين وعولا خبر غير هذين أي عول عليه أي على مثل رئيس فقرأ به والله أعلم
(705)
وَبَيْئَسٍ اسْكِنْ بَيْنَ فَتْحَيْنِ (صَـ)ـادِقاً بِخُلْفٍ وَخَفِّفْ يُمْسِكُونَ (صَـ)ـفَا وِلاَ
ألفى همزة اسكن على تنوين بئيس فانفتح وحذفت الهمزة أي أسكن الياء بين فتح الباء وفتح الهمزة ولو قال وبيس الياء بين فتحتين كأن الأولى لئلا يقرأ بهمزة ساكنة بين الباء والياء على وزن فعيل وكان يستفاد سكون الياء من لفظه بالحرف أي قرأه أبو بكر على وزن فيعل وهو صفة أيضا كضيغم والوجه الآخر لأبي بكر مثل الجماعة فهم ذلك من قوله غير هذين وأمسك ومسك لغتان وصفا بالتنوين أي قويا وولاء متابعة وهو تمييز من معناه أي قويا متابعته أو حال بعد حال أي ذا متابعة ويجوز أن يكون صفا بلا تنوين فعلا ماضيا وفي ولا الوجهان ويجوز أن يكون صفا بلا تنوين مضافا إلى ولا أي قوي متابعته ويجوز أن يكون مقصورا من الممدود والله أعلم
(706)
وَيَقْصُرُ ذُرِّيَّاتِ مَعْ فَتْحِ تَائِهِ وَفِي الطُّورِ فِي الثَّانِي (ظَـ)ـهِيرٌ تَحَمَّلاَ
يريد (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم) ، قصره الكوفيون وابن كثير أي حذفوا ألفه فصار مفردا بعد أن كان جمعا فلزم فتح الياء لأنه مفعول به وإنما كانت مكسورة في قراءة الباقين بالجمع لأن الكسر هو علامة النصب في جمع المؤنث السالم وقال فتح تائه ولم يقل نصب لما سبق تقريره في رسالته في سورة المائدة والثاني في الطور هو (ألحقنا بهم ذرياتهم) ، الخلاف في الموضعين واحد وكلتا القراءتين ظاهرة ثم قال
(707)
وَيَاسِينَ (دُ)مْ (غُـ)ـصْناً وَيُكْسَرُ رَفْعُ أَوَّلِ الطُّورِ لِلْبَصْرِي وَبِالْمَدِّ (كَـ)ـمْ (حَـ)ـلاَ
زاد معهم أبو عمرو في إفراد الذي في يس وهو (أنا حملنا ذريتهم) ، ومعنى دم غصنا أي مشبها غصنا في الانتفاع بظله وثمره وكنى بذلك عن تعليم العلم وأول الطور هو (واتبعتهم ذريتهم) ، قصره أيضا ابن كثير والكوفيون كما فعلوا بالثاني لكن تاء الأول مرفوعة لأنه فاعل وأبو عمرو وابن عامر جمعاهما وهو معنى قوله وبالمد كم حلا فتاء الثاني مكسورة لهما لأنه مفعول وتاء الأول مضمومة لابن عامر لأنه فاعل ومكسورة لأبي عمرو لأنه مفعول لأنه يقرأ (وأتبعناهم ذرياتهم) ، مع ما يأتي في سورة ، فإن قلت لم قال وبكسر ولم يقل وبخفض وهي حركة إعراب ، قلت لأنه نصب علامته الكسرة ، فإن قلت هلا قال وبنصب ، قلت لما كان المألوف من علامة النصب إنما هو الفتحة خاف على من لا يعرف النحو أن يفتح التاء في جمع المؤنث السالم فعدل إلى التعبير بعلامة النصب هنا وهي الكسرة لهذا المعنى وهو حسن
(708)
يَقُولُوا مَعاً غَيْبٌ (حَـ)ـمِيدٌ وَحُيْثُ يُلْحِدُونَ بِفَتْحِ الضمِّ وَالْكَسْرِ (فُـ)ـصِّلاَ
يريد (شهدنا أن تقولوا) ، -وبعده-أو يقولوا-الغيب حميد لأنه قبله ما يرجع إليه والخطاب على الالتفات ولحد وألحد لغتان وهو في ثلاث سور هنا (وذروا الذين يلحدون في أسمائه) ، وفي النحل (لسان الذي يلحدون إليه) ، وفي فصلت (إن الذين يلحدون في آياتنا) ، ثم ذكر أن الكسائي وافق حمزة في حرف النحل فقال
(709)
وَفِي النَّحْلِ وَالاَهُ الْكِسَائِي وَجَزْمُهُمْ يَذَرْهُمْ (شَـ)ـفَا وَالْيَاءُ (غُـ)ـصْنٌ تَهَدَّلاَ
والاه أي تابع حمزة والجزم والرفع في (يذرهم في طغيانهم) ، تقدم مثله في البقرة (ويكفر عنكم من سيئاتكم) ، والياء لله والنون للعظمة ويقال تهدل الغصن أي استرخى لكثرة ثمرته فقراءة حمزة والكسائي بالياء والجزم و قراءة عاصم وأبي عمرو بالياء والرفع والباقون بالنون والرفع
(710)
وَحَرِّكْ وَضُمَّ الْكَسْرَ وَامْدُدْهُ هَامِزاً وَلاَ نُونَ شِرْكاً (عَـ)ـنْ (شَـ)ـذَا (نَفَرٍ) مَلاَ
شركا مفعول وحرك ولا نون يعني لا تنوين فيه وضم الكسر يعني في الشين والتحريك عبارة عن فتح الراء فيصير شركاء جمع شريك على وزن كرماء وشركا على تقدير ذا شرك ويجوز أن يكون سمى الشريك شركاء على المبالغة وقوله عن شذا متعلق بمحذوف أي آخذا ذلك والشذا يجوز أن يكون بمعنى بقية النفس أي خذه عن بقية نفر ملا أي ثقاة ويجوز أن يكون عبارة عن الطيب وكنى به عن العلم أي آخذا ذلك عن علم نفر هذه صفتهم وعبر عن العلم بالشذا لأن العلم طيب العلماء والله أعلم
(711)
وَلاَ يَتْبَعُوكُمْ خَفَّ مَعْ فَتْحِ بَائِهِ وَيَتْبَعُهُمْ فِي الظُّلَّةِ (ا)حْتَلَّ وَاعْتَلاَ
يريد (وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم) ، التخفيف من تبع مثل علم والتشديد من اتبع مثل اتسق والظلة هي سورة الشعراء في آخرها (والشعراء يتبعهم) ، التخفيف في الموضعين لنافع وحده وكذلك ويتبعهم في الظلة وقوله احتل أي حمل ذلك في هاتين الكلمتين وهو تخفيف التاء بإسكانها وفتح الباء واعتلا ارتفع والله أعلم
(712)
وَقُلْ طَائِفٌ طَيْفٌ (رِ)ضىً (حَقُّـ)ـهُ وَيَا يَمُدُّونَ فَاضْمُمْ وَاكْسِرِ الضَّمَّ (أَ)عْدَلاَ
قل هنا بمعنى اقرأ أي اقرأ هذه الكلمة التي هي طائف اقرأها طيف للكسائي وأبي عمرو وابن كثير يريد قوله تعالى (إذا مسهم طائف) ، قال أبو عبيدة-طيف من الشيطان-أي يلم به لما قالوا أبو زيد طاف الخيال يطيف طيفا-وطاف الرجل يطوف طوفا إذا أقبل وأدبر فمن قرأ-طايف-كان اسم فاعل من أحد هذين ومن قرأ-طيف- فهو مصدر أو تخفيف طيف كميت ويكون طيف بمعنى طايف يحتمل الوجهين وقال أبو علي الطيف مصدر فكان المعنى إذا مسهم وخطر لهم خطرة من الشيطان تذكروا قال ويكون طايف بمعناه مثل العاقبة والعافية ويجوز ذلك مما جاء المصدر فيه على فاعل وفاعلة والطيف أكثر لأن المصدر على هذا الوزن أكثر منه على وزن فاعل فالطيف كالخطرة و الطائف كالخاطر وقوله رضى حقه أي حقه رضى أي مرضي وأما (وإخوانهم يمدونهم في الغي) ، فقراءة الجماعة من مد مثل شد لأنه هو المستعمل في المكروه نحو (ويمدهم في طغيانهم)-(ونمد له من العذاب مدا) ، وقراءة نافع وحده من أمد مثل أعد وهو أكثر ما يستعمل في المحبوب نحو (وأمددناهم بفاكهة)-(أتمدونني بمال)-(ويمددكم بأموال وبنين)-(إني ممدكم بألف من الملائكة)-(أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين) ، قال أبو علي فوجهه ههنا أنه بمنزلة قوله تعالى (فبشرهم بعذاب أليم) وقوله (فسنيسره للعسرى) ، وقيل مد وأمد لغتان يقال مد النهر وأمده بحر آخر وأمددت الجيش بمد إذا أعنتهم ومددتهم صرت لهم مددا وقال سيل أبي مده أنى وأعدلا حال أي عادلا في بيان وجه ذلك
(713)
وَرَبِّي مَعِي بَعْدِي وَإِنِّي كِلاَهُمَا عَذَابِي آيَاتِي مُضَافَاتُهَا الْعُلاَ
فيها سبع ياءات إضافة (ربي الفواحش) ، أسكنها حمزة وحده (معي بني إسرائيل) ، فتحها حفص وحده (من بعدي أعجلتم) ، فتحها الحرميان وأبو عمرو (إني أخاف عليكم) ، في قصة نوح كذلك فتحها أبو عمرو والحرميان (إني اصطفيتك) ، فتحها أبو عمرو وابن كثير فهذا معنى قوله كلاهما أي إني وإني كلاهما أي جاء لفظ إني في موضعين وهذا كما سبق في معنى قوله معا ، (قال عذابي أصيب) ، فتحها نافع وحده (سأصرف عن آياتي الذين) ، أسكنها ابن عامر وحمزة ويقع في بعض النسخ-عذابي-وآياتي-بإسكان ياء-عذابي-وإثبات واو العطف في-وآياتي-وفي بعضها بفتح الياء وحذف الواو وفيها زائدة واحدة في آخرها (ثم كيدون فلا) ، أثبتها أبو عمرو في الوصل وعن هشام خلاف في الوصل والوقف وقلت في ذلك ، (مضافاتها سبع وفيها زيادة تحلت أخيرا ثم كيدون مع فلا) ، أي هي (كيدون فلا تنظرون)
(714)
وَفِي مُرْدِفِينَ الدَّالَ يَفْتَحُ نَافِعٌ وَعَنْ قُنْبُلٍ يُرْوَى وَلَيْسَ مُعَوَّلاَ
أي وليس معولا عليه قال صاحب التيسير قرأ نافع-مردفين -بفتح الدال وكذلك حكى لي محمد ابن أحمد عن ابن مجاهد أنه قرأ على قنبل قال وهو واهم ، قلت والقائل بأنه وهم هو ابن مجاهد فإنه قال في كتاب السبعة له من رواية ابن بدهن قرأت على قنبل مردفين بفتح الدال مثل نافع وهو وهم حدثني الجمال أحمد ابن يزيد عن القواس عن أصحابه مردفين بكسر الدال ، قلت والقواس هو شيخ قنبل وكان قنبل سنة قرأ عليه ابن مجاهد قد اختلط على ما بيناه عند اسمه في الخطبة في الشرح الكبير واختار أبو عبيد قراءة الفتح قال وتأويله أن الله تعالى أردف المسلمين بهم قال وكان مجاهد يفسرها ممدين وهو تحقيق هذا المعنى قال وفسرها أبو عمرو على قراءة الكسر أردف بعضهم بعضا قال أبو عبيدة فالإرداف أن يحمل الرجل صاحبه خلفه ولم يسمع هذا في نعت الملائكة يوم بدر فإن تأول بعضهم مردفين بمعنى رادفين لم أحبه أيضا لأن القرآن لم ينزل بهذه اللغة ألا تسمع قوله تعالى (تتبعها الرادفة) ، ولم يقل المردفة وكذلك قوله تعالى (ردف لكم) ، يقول أردف لكم وقال الفراء مردفين متابعين يردف بعضهم بعضا ومردفين فعل بهم قال الزجاج يقال أردفت الرجل إذا جئت بعده فمعنى مردفين يأتون فرقة بعد فرقة قال أبو علي من قال مردفين احتمل وجهين أحدهما أن يكونوا مردفين مثلهم تقول أردفت زيدا فيكون المفعول محذوفا في الآية والآخر أن يكونوا جاءوا بعدهم ، قال أبو الحسن تقول العرب بنو فلان مردفوننا أي يجيئون بعدنا قال أبو عبيدة مردفين جاءوا بعد وردفني وأردفني واحد فمردفين صفة للألف الذين هم الملائكة ومردفين على أردفوا الناس أي أنزلوا بعدهم فيجوز على هذا أن يكون حالا من الضمير المنصوب في ممدكم مردفين بألف من الملائكة والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

(715)
وَيُغْشِي (سَمَا) خِفًّا وَفِي ضَمِّهِ افْتَحُوا وَفِي الْكَسْرِ (حَقًّـ)ـا وَالنُّعَاسَ ارْفَعُوا وِلاَ
خفا تمييز أو حال أي ارتفع تخفيفه أو ارتفع خفيفا أي ذا خف يعني تخفيف الشين مع سكون الغين والباقون بفتح الغين وتشديد الشين وهما لغتان سبق ذكرهما في الأعراف وزاد ابن كثير وأبو عمرو على تخفيف الشين فتحها وفتح الياء الأولى وانقلبت الياء الأخيرة ألفا لانفتاح ما قبلها فقرءا مما يغشاكم مضارع غشى كعمى يعمى فهذا معنى قوله وفي ضمه افتحوا يعني ضم الباء وفي الكسر يعني كسر الشين فتحوا أيضا فتحا حقا والتقدير حق ذلك حقا ولزم من قراءتهما يغشى أن يرتفع النعاس على الفاعلية وأن ينتصب في قراءة غيرهما على المفعولية ليتعدى الفعل إليه بالزيادة على غشى همزة أو تضعيفا فهذا معنى قوله والنعاس ارفعوا أي لمدلول حقا ولا بالكسر أي ذوى ولاء أي متابعة
(716)
وَتَخْفِيفُهُمْ فِي الأَوَّلِينَ هُنَا وَلكِنِ اللهُ وَارْفَعْ هَاءهُ (شَـ)ـاعَ (كُـ)ـفَّلاَ
يعني الأولين (ولكن الله قتلهم)-(ولكن الله رمى) احتراز من (ولكن الله سلم)-(ولكن الله ألف بينهم) ، فإنهما مشددان بلا خلاف وموضع قوله-ولكن الله-نصب على أنه مفعول وتخفيفهم أي وتخفيفهم-ولكن الله-في الموضعين الأولين أي تخفيف هذا اللفظ ولهذا قال وارفع هاءه أي الهاء من اللفظ المذكور وهي التي في اسم الله تعالى وفي الأولين هو خبر المبتدإ ويجوز أن يكون من جملة ما تعلق بالمبتدأ والخبر شاع وقوله وارفع هاءه وقع معترضا لأنه من تتمة القراءة فليس بأجنبي وقد سبق تعليل القراءتين في (ولكن الشياطين كفروا) ، وكفلا جمع كافل ونصبه على التمييز
(717)
وَمُوهِنُ بِالتَّخْفِيفِ (ذَ)اعَ وَفِيهِ لَمْ يُنَوَّنْ لِحَفْصٍ كَيْدَ بِالْخَفْضِ عَوَّلاَ
يريد (موهن كيد الكافرين) ، وهنت الشي وأوهنته واحد أي جعلته واهنا ضعيفا وتنوين موهن ونصب كيد هو الأصل لأنه اسم فاعل نصب مفعوله وإضافة حفص إضافة تخفيف نحو-بالغ الكعبة-في قراءة الجميع وبالغ أمره-في قراءة حفص أيضا كما سيأتي ومعنى ذاع انتشر وقوله لم ينون أي لم يقع فيه تنوين لحفص فالفعل مسند إلى الجار والمجرور ولا ضمير فيه يرجع إلى موهن أغنى عن ذلك قوله وفيه وكيد مبتدأ وخبره عول عليه
(718)
وَبَعْدُ وَإِنَّ الْفَتْحُ (عَمَّ عُـ)ـلاَ وَفِيهِمَا الْعُدْوَةِ اكْسِرْ (حَقًّـ)ـا الضَّمَّ وَاعْدِلاَ
يعني وبعد موهن (وأن الله مع المؤمنين) ، الفتح فيه عم علاه أو عم ذا علا وهو على إضمار حرف الجر أي ولأن الله مع المؤمنين امتنع عنا فئتكم وقرأ الباقون بكسر وأن على الاستئناف والعدوة بكسر العين وضمها لغتان وهي جانب الوادي وقيل المكان المرتفع وقوله فيهما لأنها في موضعين (إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى) ، وهي مخصوصة في العلم حكاية لما في القرآن وإنما موضعها رفع بالابتداء وتقدير الكلام والعدوة اكسر الضم في موضعيها ويجوز أن يكون العدوة بدلا من الضمير في فيهما أو في عطف بيان أي اكسر الضم فيهما ثم بين ما أضمره فقال العدوة كقولك رأيته زيدا ومررت به زيد ، فإن قلت كيف بدل مفردا من ضمير تثنية وأنت لا تقول رأيتهما زيدا بل يجب أن تقول زيدا وعمرا أو الزيدين أو نحو ذلك قلت لما كان المضمر في هذا النظم لفظا متحدا لم يحتج إلى تثنية اللفظ المثنى بل اللفظ المفرد كاف في البيان كالتمييز في عشرون رجلا لما كان الغرض بيان حقيقة المعدود المتحد الجنس كفى في بيانه لفظ مفرد فكذا هذا ولما كان المضمر في قولك رأيتهما ومررت بهما يحتمل الاختلاف لزم البيان بلفظ التثنية أو ما يقوم مقامه والكلام في حقا كما سبق إما نعت مصدر محذوف أي اكسر الضم كسرا حقا وهو مصدر مؤكد أي حق ذلك حقا والألف في واعدلا بدل عن نون التأكيد الخفيفة أراد واعدلن قال الشيخ لأن أبا عبيد زعم أن الضم أعرب اللغتين وأكثرهما وقد ذكر اليزيدي أن الكسر لغة أهل الحجاز وأنكر أبو عمرو الضم فأعدل أنت ويقال العدوة بالفتح أيضا والله أعلم
(719)
وَمَنْ حَيِيَ اكْسِرْ مُظْهِرًا (إِ)ذْ (صَـ)ـفَا (هُـ)ـدًى وَإِذْ يَتَوَفَّى أَنِّثُوهُ (لَـ)ـهُ (مُـ)ـلاَ
يريد (ويحيى من حي عن بينة) ، أصل هذا المدغم حيي بياءين على وزن عمى فأدغم أراد كسر الياء الأولى مظهرا لما كان أدغم في قراءة الغير وللباقين افتح مدغما وهما لغتان نحو عيى وعى وهدى تمييز أو حال أي صفا هداه وصفا ذا هدى كما سبق في عم علا وغيره والتأنيث والتذكير في (يتوفى الذين كفروا الملائكة) ، سبق نظيرهما في-تأتيهم الملائكة-في آخر الأنعام واللفظ الفاصل هنا بين الفعل والفاعل أكثر منه ثم فلهذا كان الأكثر هنا على التذكير وثم على التأنيث والملا بضم الميم جمع ملاءة وهي الملحفة كنى بذلك عن الحجج وقد سبق أيضا تفسيره
(720)
وَبِالْغَيْب فِيهَا تَحْسَبَنَّ (كَـ)ـمَا (فَـ)ـشَا (عَـ)ـمِيمًا وَقُلْ فِي النُّورِ (فَا)شِيهِ (كَـ)ـحَّلاَ
يريد (ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا) ، فقراءة الخطاب ظاهرة الذين كفروا سبقوا مفعول بلا تحسبن والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأما القراءة بالغيب فعلى تقدير ولا يحسبن الرسول أو حاسب فبقي الذين كفروا سبقوا مفعولين كما ذكرنا وقيل الذين كفروا فاعل يحسبن وسبقوا المفعول الثاني والأول محذوف تقديره إياهم سبقوا كذا قدره أبو علي وهو معنى تقدير أبي عبيد وغيره حين قالوا لا تحسبنهم سبقوا وقيل سد سبقوا مسد المفعولين على تقدير أنهم سبقوا أو أن سبقوا أو بأن قدره أبو علي أيضا ثم حذفت أن واسمها اختصارا للعلم بمكانها ومعنى سبقوا فاتوا كما قال سبحانه في موضع آخر (أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا) ، والذي في النور (لا يحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض) ، يتوجه فيه جميع الوجوه المذكورة إلا الأخير منها وهو تقدير أنهم سبقوا لأن لفظ معجزين منصوب نعم يقوم مقامه وجه آخر لا يتأتى هناك وهو أن يكون معجزين مفعولا أولا وفي الأرض مفعولا ثانيا أي لا تحسبن أن في الأرض من يعجز الله وقوله عميما حال من الضمير في فشا ومعناه اشتهر في حال عمومه يشير إلى أنه مقدر بقولنا لا يحسبن أحد وكحلا بالتشديد مبالغة في كحل عينه استعاره هنا على أنه شفا أو بصر ونور وهدى ونحو ذلك والله أعلم
(721)
وَإِنَّهُمُ افْتَحْ (كَـ)ـاِفيًا وَاكْسِرُوا لِشُعْبَةَ السَّلْمَ وَاكْسِرْ فِي الْقِتاَلِ (فَـ)ـطِبْ (صِـ)ـلاَ
يريد (إنهم لا يعجزون) ، كسره على الاستئناف والفتح على تقدير لأنهم وقيل هو مفعول لا يحسبن على تقدير أن لا زائدة لأن ابن عامر الذي فتح أنهم يقرأ لا يحسبن بالغيب وتكون زيادة لا هنا كما سبق في الأنعام ، (أنها إذا جاءت لا يؤمنون) ، بكسر السين وفتحها لغتان واللام ساكنة فيهما ويقال أيضا بفتح السين واللام ومعنى الجميع المسالمة والمصالحة يريد-وإن جنحوا للسلم-ولهذا قال فاجنح لها لما كان السلم بمعنى المسالمة والذي في سورة القتال (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم) ومعنى قوله فطب صلا أي ذكاء لأنه قد سبق أن صلاء النار هو استعارها ويعبر به عن الذكاء كما يقال هو يتوقد ذكاء ويجوز أن تكون إشارة إلى نار القرى التي يهتدي بها الأضياف والتي تصلح طعامهم أي طب نارا على معنى طب قرى لأضيافك أي طب علما لمن قصدك مستفيدا فصلا تمييز والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

(722)
وَثَانِي يَكُنْ (غُـ)ـصْنٌ وَثَالِثُهاَ ثَوَى وَضُعْفاً بِفَتْحِ الضَّمِّ (فَـ)ـاشِيهِ (نُـ)ـفَلا
يريد (وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا) ، هذه هي الثانية تذكير يكن وتأنيثها لأن الفعل مسند إلى مائة وتأنيثها غير حقيقي وقد وقع الفصل بين الفعل وبينها فحسن التذكير وأ التأنيث فهو الأصل نظرا إلى لفظ علامة التأنيث في مائة والثالث قوله تعالى بعد ذلك (فإن تكن منكم مائة صابرة) ، الكلام فيه كما سبق في الثانية لكن أبو عمرو فرق بينهما في قراءته فأنث الثالث كما وصف المائة بقوله صابرة فتأكد التأنيث في الموصوف بتأنيث الصفة فقوى مقتضى مشاكلة التأنيث في يكن وإنما قال ثاني وثالث لأن قبلهما أول لا خلاف في تذكيره وهو ( إن يكن منكم عشرون) ، وبعدهما رابع لا خلاف في تذكيره أيضا وهو (وإن يكن منكم ألف) ، ودلنا على أن مراده التذكير في الثاني والثالث إطلاقه وعدم تقييده وأما (وعلم أن فيكم ضعفا) ، ففتح الضاد وضمها فيه لغتان ومعنى نفلا أي أعطى نفلا وهي الغنيمة والله أعلم
(723)
َوِفي الرُّومِ (صِـ)ـفْ (عَـ)ـنْ خُلْفِ (فَـ)ـصْلٍ وَأَنِّثْ انْ يَكُونَ مَعَ الأَسْرَى الأُسَارى حُلاً (حَـ)ـلاَ
يريد قوله تعالى (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا) ، الخلاف في الثلاثة كالتي في الأنفال غير أن حفصا اختار الضم في ثلاثة الروم لما نذكر فصار له وجهان فلذا ذكر عنه خلافا دون أبي بكر وحمزة قال صاحب التيسير في سورة الروم أبو بكر وحمزة من ضعف في الثلاثة بفتح الصاد وكذلك روى حفص عن عاصم فيهن غير أنه ترك ذلك واختار الضم اتباعا منه لرواية حدثه بها الفضل بن مرزوق عن عطية العوفي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه ذلك بالضم ورد عليه الفتح وأباه قال وعطية يضعف وما رواه حفص عن عاصم عن أئمته أصح وبالوجهين آخذ في روايته لأتابع عاصما على قراءته وأوافق حفصا على اختياره ، قلت وهذا معنى قول ابن مجاهد عاصم وحمزة من ضعف بفتح الضاد ثم قال حفص عن نفسه بضم الضاد فقوله عن نفسه يعني اختيارا منه لا نقلا عن عاصم وفي كتاب مكي قال حفص ما خالفت عاصما في شيء مما قرأت به عليه إلا ضم هذه الثلاثة الأحرف قال أبو عبيد وبالضم يقرأ اتباعا للغة النبي صلى الله عليه وسلم سمعت الكسائي يحدث عن الفضل بن مرزوق عن عطية العوفي قال قرأت على ابن عمر-الله الذي خلقكم من ضعف بالفتح-فقال إني قرأتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قرأت-فقال لي من ضعف ، قال أبو عبيد يعني بالضم قوله وأنث أن يكون أراد قوله تعالى (أن يكون له أسرى) ، فألقى حركة أن على ثاء أنث وقد سبق أن تأنيث الجمع غير حقيقي فيجوز تذكير الفعل المسند إليه ثم قال مع الأسرى الأسارى يعني (قل لمن في أيديكم من الأسرى) ، يقرؤه أبو عمرو-الأسارى-وكلاهما جمع أسير ولا خلاف في الأولى-أن يكون له أسرى-وهو غير ملبس لأنه ذكرها معرفة باللام وتلك هي الثانية واتفق للناظم هنا اتفاق حسن وهو تكرير الرمز في حلا حلا بعد تكرر كلمتي القراءة وهما تكون والأسارى فأنث أبو عمرو تكون وقرأ الأسارى ولم يرمز لقراءة تكون فجاء تكرير الرمز بعد الأسارى مناسبا حسنا وإن كان لو لم يكرره لجاز كما جمع في البقرة مسئلتين لابن عامر في قوله-عليم وقالوا- وقال في آخر البيت كفلا وكما جمع لحمزة ثلاث مسائل في آل عمران في قوله-سنكتب وقال في آخر البيت فتكمل وتارة يكرر الرمز من غير تكرار الحرف المختلف فيه نحو اعتاد أفضلا نمنى علا علا وإنما اتفق له مناسبة التكرار هنا وقوله مع الأسرى أي مع قراءة موضع الأسرى الأسارى ومن الممكن أن يقدر مع قراءة الأسرى موضع الأسارى فيفيد ضد المقصود ولكنه هنا لفظ بقراءتين من غير قيد فالرمز للثانية منهما كقوله سكارى معا سكرى وعالم قل علام شاع ولو كان قال وفي الأسرى الأسارى لكان أظهر ولكنه قصد مزج الموضعين من غير تخلل واو فاصلة بينهما ولو قال بالواو لكان له أسوة بقوله و-كن فيكون-وحلا في موضع نصب على الحال من فاعل أنث أي أنث تكون مع قراءتك الأسارى ذا حلا وحلا صفة حلا وقال الشيخ رحمه الله معنى أن يكون مع الأسرى أي أنثه مصاحبا له والأسارى مبتدأ وحلا حلا خبره ، قلت هذا مشكل فإن تكون في القراءة مصاحبة للأسارى لا للأسرى إن أراد أن يجمع قراءتي أبي عمرو وإن أراد بالمصاحبة المذكور في التلاوة بعد يكون فتلك أسرى لا أسارى كما سبق بيانه ثم لو كان بعد يكون لفظ الأسرى لبقيت قراءة الجماعة في موضع الخلاف لا دليل عليها فإن ذلك لا يفهم من لفظ الأسارى والله أعلم
(724)
وَلاَيَتِهمْ بِالْكَسْرِ (فُـ)ـزْ وَبِكَهْفِهِ (شَـ)ـفَا وَمَعًا إِنِّي بِيَاءَيْنِ أَقْبَلا
يريد (ما لكم من ولايتهم من شيء) ، وفي الكهف (هنالك الولاية لله الحق) ، قال أبو عبيد يقال مولى بين الولاية من ولايتهم إذا فتحت فإذا كسرت فهو من وليت الشيء قال الزجاج الولاية من النصرة والنسب بفتح والتي بمنزلة الإمارة مكسورة قال وقد يجوز كسرها لأن في تولي بعض القوم بعض جنسا من الصناعة والعمل وكلما كان من جنس الصناعة مكسور مثل القصارة والخياطة قال أبو علي قال أبو الحسن ما لكم من ولايتهم من شيء هذا من الولاية فهو مفتوح وأما في السلطان فالولاية مكسورة وكسر الواو في الأخرى لغة وليست بذلك قال أبو عبيد والذي عندنا في هذا الأخذ بفتح الواو في الحرفين جميعا يعني في الأنفال والكهف قال لأن معناهما من الموالاة في الدين وأما الولاية فإنما هي من السلطان والإمارة ولا أحبها في هذا الموضع وقال الفراء (ما لكم من ولايتهم من شيء) ، يريد من مواريثهم من شيء وكسر الواو في-من ولايتهم-أعجب إلي من فتحها لأنها إنما تفتح إذا كانت نصرة أكثر ذلك وكان الكسائي يذهب إلى النصرة بفتحها ولا أظنه علم التفسير ويختارون في وليته ولاية الكسر وقد سمعناها بالفتح والكسر في معنييهما جميعا والهاء في قوله وبكهفه للقرآن للعلم به وإني بياءين أي في موضعين وهما (إني أرى ما لا ترون)-(إني أخاف الله) ، فتحها الحرميان وأبو عمرو وقوله معا تأكيد وكذا أقبلا والألف في آخره ضمير الياءين أي إني ملتبس بياءين أقبلا معا وإن كان أقبل خبر إني والتقدير إني أقبل بياءين معا فالألف للإطلاق
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

سورة التوبة
(725)
وَيُكْسَرُ لاَ أَيْمَانَ عِنْدَ ابْنِ عَامِرٍ وَوَحَّدَ (حَقٌّ) مَسْجِدَ اللهِ الاوَّلاَ
أراد (إنهم لا أيمان لهم) ، الفتح جمع يمين والكسر بمعنى الإسلام أو بمعنى الأمان أي لا تؤمنهم من القتل وتقدير البيت ويكسر عند ابن عامر-لا إيمان-ولا ينبغي من جهة الأدب أن يقرأ إلا بفتح الهمزة وإن كان كسرها جائزا في التلاوة وذلك لقبح ما يوهمه تعلق-عند-بأيمان-وموضع لا أيمان-رفع أي يكسر همز هذا اللفظ فليته قال وهمزة لا أيمان كسر ابن عامر وقوله تعالى (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله) ، وحده ابن كثير وأبو عمرو لأن المراد به المسجد الحرام وليدل على أنه إنما جمع ثانيا باعتبار أن كل مكان منه مسجدا وأريد به جميع المساجد والتوحيد يؤدي معناه كما تقدم في مواضع ومن جمع فلهذا المعنى ولموافقته الثاني-إنما يعمر مساجد الله-فجمعه متفق عليه
(726)
عَشِيرَاتُكُمْ بِالجمْعِ (صِـ)ـدْقٌ وَنَوِّنُوا عُزَيْرٌ (رِ)ضى (نَـ)ـصٍّ وَبِالْكَسْرِ وُكِّلاَ
جمع أبي بكر عشيراتكم كما جمع مكانات وعبر عن قراءته ثم بمد النون وهنا بالجمع لأنه لم يمكنه هنا أن يقول بمد الراء ولو قال بالمد لم يحصل الغرض لأن في عشيرتكم مدين الياء والألف فلو قال بالمد موضع بالجمع لظن أنه الياء فعدل إلى لفظ الجمع وكذا لو كان أطلق لفظ المد في مكانات لم يدر أي الألفين أراد فقيد بقوله مد النون وقد سبق معناه ومن نون عزير فهو عنده اسم عربي فهو منصرف وكسر التنوين لالتقاء الساكنين وهو مبتدأ وابن خبره ومن لم ينون فهو عنده أعجمي فلم يصرفه وهذا اختيار الزمخشري وقيل بل عربي وإنما ابن صفة فحذف التنوين لوقوع ابن بين علمين والخبر محذوف أي معبودنا أو نبينا أو يكون المحذوف هو المبتدأ أي المعبود أو النبي عزير وأنكر عبد القاهر الجرجاني في كتاب دلائل الإعجاز هذا التأويل وقرره أحسن تقرير ، وحاصله أن الإنكار ينصرف إلى الخبر فيبقى الوصف كأنه مسلم كما تقول قال فلان زيد بن عمرو قادم وإنما يستعمل مثل هذا إذا لم يقدر خبر معين ويكون المعنى أنهم يلهجون بهذه العبارة كثيرا في محاوراتهم لا يذكرون عزيرا إلا بهذا الوصف وقيل حذف التنوين لالتقاء الساكنين كما قرأ بعضهم ، (أحد الله الصمد) ، بحذف التنوين من أحد قال الفراء سمعت كثيرا من الفصحاء يقرءونها ذكر هذين الوجهين أبو علي وقال لأن عزيرا ونحوه ينصرف عجميا كان أو عربيا قال الزجاج ولا اختلاف بين النحويين أن إثبات التنوين أجود وقوله رضى نص أي مرضي نص بمعنى نصه مرضي وهو نعت مصدر محذوف أي نونوه تنوينا مرضيا النص عليه وبالكسر وكل ذلك التنوين أو يكون حالا من فاعل نونوا أي ذوي رضى نص أي راضين بالنص عليه والله أعلم
(727)
يُضَاهُونَ ضَمَّ الْهَاءِ يَكْسِرُ عَاصِمٌ وَزِدْ هَمْزَةً مَضْمُومَةً عَنهُ وَاعْقِلاَ
أي زد همزة بعد الهاء المكسورة فيكون مضارع ضاهأ على وزن دارأ ومعناه شابه وقراءة الجماعة من دارا على وزن راما وهما لغتان مثل أرجيت وأرجأت ، قال الزجاج والأكثر ترك الهمزة والألف في واعقل بدل من نون التأكيد الخفيفة والله أعلم
(728)
يُضَلُّ بِضَمِّ الْيَاءِ مَعْ فَتْحِ ضَادِهِ (صِحَابٌ)وَلَمْ يَخْشَوْا هُنَاكَ مُضَلِّلاَ
أراد (يضل به الذين كفروا) ، قرأه صحاب على إسناد الفعل للمفعول وأسنده الباقون إلى الفاعل وكلاهما ظاهر وتمم البيت بقوله ولم يخشوا إلى آخره أي لم يخافوا من عائب لقراءتهم
(729)
وَأَنْ تُقْبَلَ التَّذْكِيرُ (شَـ)ـاعَ وِصَالُهُ وَرَحْمَةٌ الْمَرْفُوعُ بِالْخَفْضِ (فَـ)ـاقْبَلاَ
يريد (أن تقبل منهم نفقاتهم) ، والتذكير والتأنيث كما سبق في (ولا تقبل منها شفاعة) ، وغيره وأما (ورحمة للذين آمنوا منكم) ، بالرفع فمعطوف على-أذن خير-أي هو أذن خير وهو رحمة وقرأ حمزة بالخفض عطفا على خير والفاء في فاقبلا زائدة وأرادا قبله بالخفض والألف في آخره كالألف في آخر واعتلا
(730)
وَيَعْفُ بِنُونٍ دُونَ ضَمٍّ وَفَاؤُهُ يُضَمُّ تُعَذَّبْ تَاهُ بِالنُّونِ وُصِّلاَ

(731)
وَفِي ذَالِهِ كَسْرٌ وَطَائِفَةٌ بِنَصْبِ مَرْفُوعِهِ عَنْ عَاصِمٍ كُلُّهُ اعْتَلاَ
أراد إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة) ، قرأ عاصم على بناء الفعلين وهما يعف ونعذب للفاعل المتكلم فلزم من ذلك النون في أولهما وفتحها في يعف مع ضم الفاء وكسر ذال نعذب ونصب طائفة بعدها وقراءة الجماعة على بناء الفعلين للمفعول الغائب فلزم من ذلك أن يكون أول يعف ياء مضمومة وفتح الفاء وأول نعذب تاء لأجل تأنيث طائفة فهي أولى من الياء لعدم الفعل ثم فتح الذال ورفع طائفة بعدها لأنها مفعول ما لم يسم فاعله وقوله تاه أي تاؤه فقصر الممدود
(732)
وَحَقٌّ بِضَمِّ السَّوْءِ مَعْ ثَانِ فَتْحِهَا وَتَحْرِيكُ وَرْشٍ قُرْبَةٌ ضَمُّهُ جَلاَ
أراد (عليهم دائرة السوء) ، وثاني سورة الفتح وهو (وظننتم ظن السوء) ، ولا خلاف في فتح الأول وهو (الظانين بالله ظن السوء) وكذا (ما كان أبوك امرأ سوء)-و-(أمطرت مطر السوء) ، والسوء بالضم العذاب كما قيل له سييه والسوء بالفتح المصدر والهاء في فتحها للسور وحذف الياء من ثاني للضرورة وقوله تعالى (ألا إنها قربة لهم) ، ضم الراء وإسكانها لغتان وقربة في النظم مفعول التحريك وإنما رفعه حكاية لفظ القرآن وضمه مفعول جلا وجلا خبر التحريك الذي هو المبتدأ
(733)
وَمِنْ تَحْتِهَا المَكِّي يَجُرُّ وَزَادَ مِنْ صَلاَتَكَ وَحِّدْ وَافْتَحِ التَّا (شَـ)ـذًّا (عَـ)ـلاَ
يعني (من تحتها الأنهار) ، في الآية التي أولها (والسابقون الأولون) ، ثبتت في مصاحف مكة دون غيرها فقرأها ابن كثير وجر تحتها بها وحذفها الباقون فانتصب تحتها على الظرفية فقوله وزاد من أي كلمة من ثم قال صلاتك وحد يعني (إن صلواتك سكن لهم) ، التوحيد فيه والجمع سبق نظيرهما والصلاة هنا بمعنى الدعاء فهو مصدر يقع على القليل والكثير وإنما جمع لاختلاف أنواعه فمن وحد فتح التاء لأن الفتح علامة النصب في المفرد ومن جمع كسرها لأن الكسر علامة النصب في جمع المؤنث السالم وشذا حال أي ذا شذا علا
(734)
وَوَحِّدْ لَهُمْ في هُودَ تُرْجِىُّ هَمْزُهُ (صَـ)ـفَا (نَفَـ)ـرٍ مَعْ مُرْجَئُونَ وَقَدْ حَلاَ
يعني (قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك) ، أي عيادتك ولم يتعرض للتاء لأنها مضمومة في قراءتي الإفراد والجمع لأنها مبتدأ ثم ذكر الخلاف في (ترجي من تشاء منهن) ، في سورة الأحزاب (وآخرون مرجون) ، هنا بالهمز فيهما وبغير همز وهما لغتان قال صاحب المحكم والهمز أجود وأرى ترجي مخففا من ترجيء لمكان تؤوى أي طلب المشاكلة بينهما وقد تقدم في الخطبة أن ضد الهمز لا همز ثم ينظر في الكلمة المهموزة فإن كان الهمز لم يكتب له صورة نطقت بباقي حروف الكلمة على صورتها وهو كقوله-الصابئين-الهمز-والصابئون-خذ وإن كانت كتبت له صورة نطقت في موضع الهمز بالحرف الذي صورت به كقوله وبهمز-ضيزى-وفي هذا البيت المشروح الأمران يقرأ الباقون ترجي بالياء التي هي صورة الهمز ويقرءون-مرجون-بواو بعد الجيم إذ لا صورة للهمزة وقوله صفا نفر خفض نفر بإضافة صفا المقصور أو الممدود إليه أي الهمز قوى وصاف من الكدورة
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

(735)
وَ (عَمَّ) بِلاَ وَاوِ الَّذِينَ وَضُمَّ في مَنَ اسَّسَ مَعْ كَسْرٍ وَبُنْيَانُهُ وِلاَ
أي قرأ مدلول عم جميع المذكور في هذا البيت أراد (والذين اتخذوا مسجدا) ، سقطت الواو في مصاحف المدينة والشام فقرأها نافع وابن عامر على الاستئناف وقرأ الباقون بالواو عطفا لجملة على جملة فتقدير البيت قرأ عم الذين بلا واو وحذف التنوين من واو لالتقاء الساكنين ولم يرو إضافة واو إلى الذين فإن الذين لا واو فيه ولو كان والذين لأمكن تقدير ذلك ثم قال وضم وهو فعل أمر أي ضمه لمدلول عم أيضا ويجوز وضم بفتح الضاد على أن يكون فعلا ماضيا أي قرأ عم الذين وضم في-أفمن أسس-ضم الهمزة وكسر السين جعله فعلا لم يسم فاعله فلزم من ذلك رفع بنيانه لأنه مفعوله وقرأ الباقون ببناء الفعل للفاعل وهو ضمير يرجع إلى من فتحوا الهمزة والسين ونصبوا بنيانه والخلف في الموضعين هنا ولم ينبه على ذلك فهو نظير ما ذكرناه في قوله في سورة النساء وندخله نون ولم يقل معا ، فإن قلت يكون إطلاقه دليلا عل تعميم ما في السورة من ذلك وقوله معا قدر حرك زيادة بيان ، قلت لا يستمر له هذا إذ يلزم أن يكون قوله وعم بلا واو الذين يشمل كل لفظ والذين من هذا الموضع إلى آخر السورة نحو (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا)-(الذين اتبعوه في ساعة العسرة) ، وقول الناظم وبنيانه مفعول فعل مضمر أي وارفع بنيانه لمدلول عم أو ورفع عم بنيانه وإطلاقه له دليل على رفعه وولا بكسر الواو مفعول له أي متابعة للنقل
(736)
وَجُرْفٍ سكونُ الضَّمِّ (فِـ)ـي (صَـ)ـفْوٍ (كَـ)ـامِل تُقَطَّعَ فَتْحُ الضَّمِّ (فِـ)ـي (كَـ)ـامِل (عَـ)ـلاَ
الضم والإسكان في راء جرف لغتان وتقطع قلوبهم بضم التاء على بناء الفعل للمفعول وبفتحها على بنائه للفاعل وأصله تتقطع فحذفت التاء الثانية مثل (تنزل الملائكة) ، وسبق له نظائر
(737)
يَزِيغُ (عَـ)ـلَى (فَـ)ـصْلٍ يَرَوْنَ مُخَاطَبٌ (فَـ)ـشًا وَمَعِي فِيهَا بِيَاءَيْنِ جُمِّلاَ
يعني (كاد يزيغ قلوب فريق منهم) ، قرأ حفص وحمزة بالتذكير في يزيغ لأن تأنيث قلوب غير حقيقي والباقون بالتأنيث وإطلاقه دل على إرادته لتذكير ثم قال يرون مخاطب جعله مخاطبا لما كان الخطاب فيه يعني (أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة) ، الخطاب للمؤمنين والغيبة للمنافقين وفي هذه السورة ياآن للإضافة كلاهما في لفظ معي أحدهما (معي أبدا) ، فتحها الحرميان وأبو عمرو وابن عامر وحفص والثانية (معي عدوا) ، فتحها حفص وحده وليس فيها ولا في الأنفال ولا في يونس شيء من الزوائد والله أعلم
سورة يونس
(738)
وَإِضْجَاعُ رَا كُلِّ الْفَوَاتِحِ (ذِ)كْرُهُ (حِـ)ـمًى غَيْرَ حَفْصٍ طَاوَيَا (صُحْبَةٌ) وَلاَ
ذكر في هذا الموضع جميع ما وقع الخلاف في إمالته من الحروف المقطعة في أوائل السور ويقال لها الفواتح لأن السور استفتحت بها وإنما أميلت لأنها أسماء ما يلفظ به من الأصوات المتقطعة وقد أمالوا يا في الندا وهي حرف فإمالة هذه الأسماء أولى فابتدأ بذكر الراء لأنها أول حروف الفواتح إمالة سواء كانت في الر وذلك في يونس وهود ويوسف وإبراهيم والحجر أو في المر في أول الرعد فلهذا قال كل الفواتح والإضجاع هو الإمالة وأتى بلفظ را فقصر را حكاية للفظه في القرآن وكذا ما يأتي من طا ويا وها وحا ولا نقول إنه قصر ذلك ضرورة وأشار بقوله ذكره حمى إلى حسن الإضجاع أي لا يصل أحد إلى الطعن عليه فهو في حمى من ذلك واستثنى منهم حفصا فإنه لا يميل شيئا في القرآن إلا كلمة-مجراها-وقد سبق ذكره في باب الإمالة ثم ذكر أن صحبة أمالوا طاويا فالطاء من طه وطسم وطس والياء من يس وأما الياء من كهيعص فوافقهم على إمالتها ابن عامر كما يأتي في البيت الآتي وولا في آخر البيت بكسر الواو في شرح الشيخ ورأيته في بعض النسخ من القصيدة بفتحها وهو أحسن لأن قبله وبنيانه ولا بالكسر وهو قريب منه فالكسر بمعنى متابعة أي أمال صحبة طاو-يا متابعة لنقل فهو مفعول من أجله والفتح على تقدير ذا ولا أي نصر لإمالة ومحبة لها فهو حال من صحبة أي أمالوهما ذوي ولا
(739)
وَ(كَـ)ـمْ (صُحْبَةٍ) يَا كَافِ والْخُلْفُ (يَـ)ـاسِرٌ وَهَا صِفْ (رِ)ضًى (حُـ)ـلْوًا وَتَحْتَ (جَـ)ـنًى (حَـ)ـلاَ
الكاف في كم رمز ابن عامر كأنه قال وابن عامر ومدلول صحبة على إمالة-يا-التي في أول سورة مريم وعبر عنها بقوله كاف لأنه أولها كما يقال ص ن ق وكذا صنع في غير هذا الموضع كقوله في يوسف وفي كاف فتح اللام في-مخلصا-ثوى ومعنى الكلام في الظاهر وكم صحبة أمالوها أي أمالها كثير من القراء ثم قال والخلف في إمالتها عن السوسي والياسر في اللغة هو اللاعب بقداح الميسر وكان لا يتعاطاه من العرب إلا الكرماء فكأنه قال والخلف خلف كريم أي هو صادر عن نقل صحيح ثم قال وها أي وإمالة ها من-كهيعص-لأبي بكر والكسائي وأبي عمرو ثم قال وتحت أي وإمالة ها من السورة التي تحت مريم وهي طه جنا حلا أي حلا جناه وإمالته لورش ولأبي عمرو ومن يأتي ذكره في البيت الآتي وليس لورش ما يمليه إمالة محضة غيرها من طه وما عدا ذلك إنما يميله بين اللفظين
(740)
(شَـ)ـفَا (صـ)ـادِقًا حم (مُخْـ)ـتَارُ (صُحْبَةٍ) وَبَصْرٍ وَهُمْ أَدْرى وَبِالْخُلْفِ (مُـ)ـثِّلاَ
، حمزة والكسائي وأبو بكر هم تتمة من أمال-ها-من-طه-ثم قال-حم-أي أمال حا من-حم- في السور السبع ابن ذكوان وصحبه ثم قال وهم وأبو عمرو أمالوا لفظ-أدري-كيف أتى نحو-أدراك-وأدراكم-وعن ابن ذكوان خلاف فيه فقوله وبصر مبتدأ وليس عطفا على صحبة لامتناع الجمع بين الرمز والتصريح والله أعلم
(741)
وَذو الرَّا لِوَرْشٍ بَيْنَ بَيْنَ وَناَفِع لَدى مَرْيَمٍ هَايَا وَحَا (جِـ)ـيدُهُ (حَـ)ـلاَ
جمع في هذا البيت ذكر من أمال شيئا من ذلك بين بين فورش فعل ذلك في را من (الر-و-المر) ، ونافع بكماله في-ها يا أول مريم وورش وأبو عمرو فعلا ذلك في حا من (حم) ، في السور السبع وأما لفظ-أدري- فقد علم من مذهب ورش في إمالته بين بين من باب الإمالة وإنما ذكره الناظم هنا لأجل زيادة أبي بكر وابن ذكوان على أصحاب إمالته وإلا فهو داخل في قوله وما بعد راء شاع حكما فأبو عمرو وحمزة والكسائي فيه على أصولهم والجيد كل العنق والله أعلم
(742)
نُفَصِّلُ يَا (حَقٍّ عُـ)ـلاً سَاحِرٌ (ظُـ)ـبًى وَحَيْثُ ضِيَاءً وَافَقَ الْهَمْزُ قُنْبُلاَ
قصر لفظ-يا-ضرورة والخلاف في-نفصل الآيات-بالياء والنون ظاهر ثم قال ساحر ظبي يعني قوله تعالى قبل يفصل (قال الكافرون إن هذا لسحر مبين) ، أي ذو سحر قرأه مدلول ظبي ساحر فقوله ساحر هو مما استغنى لميه باللفظ عن القيد ولكنه لم يبين القراءة الأخرى والخلاف في مثل هذا دائر تارة بين ساحر وسحار على ما في الأعراف والذي في آخر يونس وتارة هو دائر بين ساحر وسحر على ما مر في المائدة وما يأتي في طه وظبي جمع ظبة وهي من السيف والسهم والسنان حدها أي هو ذو ظبى أي له حجج تحميه وتقوم بنصرته ثم قال وحيث ضياء أي حيث أتى هذا اللفظ فضياء مرفوع بالابتدا على ما عرف فيما بعد حيث والخبر محذوف أي وحيث ضياء موجود ولا تنصب حكاية لما في يونس فإنه قد يكون مجرورا نحو ما في القصص (من إله غير الله يأتيكم بضياء) ، ثم قال وافق الهمز قنبلا وهو من قولك وافقني كذا إذا صادفته من غرضك وأراد همز الياء ولم يبين ذلك وفي آخر الكلمة همز فربما يتوهم السامع أنه هو المعنى ثم لو فهم ذلك لم يكن مبينا للقراءة الأخرى فإنه الهمز ليس ضده إلا تركه ولا يلزم من تركه أبداله ياء فقد حصل نقض في بيان هاتين المسألتين ساحر وضياء فلو أنه قال ما تبين به الحرفان لقال ساحر ظبي بسحر ضياء همزيا الكل زملا قالوا ووجه هذا الهمز أنه أخر الياء وقدم الهمزة فانقلبت الياء همزة لتطرفها بعد ألف زائدة كسقاء ووداء وهذه قراءة ضعيفة فإن قياس اللغة الفرار من اجتماع همزتين إلى تخفيف إحداهما فكيف يتحيل بتقديم وتأخير إلى ما يؤدي إلى اجتماع همزتين لم يكونا في الأصل هذا خلاف حكمة اللغة قال ابن مجاهد ابن كثير وحده ضياء بهمزتين في كل القرآن الهمزة الأولى قبل الألف والثانية بعدها كذلك قرأت على قنبل وهي غلط وكان أصحاب البزي وابن فليح ينكرون هذا ويقرءون ضياء مثل الناس قال أبو علي ضياء مصدرا وجمع ضوء كبساط
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

(743)
وَفِي قُضِيَ الْفَتْحانِ مَعْ أَلِفٍ هُنَا وَقُلْ أَجَلُ المَرْفُوعُ بِالنَّصْبِ (كُـ)ـمِّلاَ
يريد (لقضي إليهم أجلهم) ، قراءة ابن عامر على البناء للفاعل فنصب أجلهم على المفعولية وقراءة الباقين على بناء الفعل للمفعول وهو أجلهم فلزم رفعه فقول الناظم الفتحان يعني في القاف والضاد والألف بعدهما والقراءة الأخرى علمت بما لفظ به لا من الضدية ولو بين القراءة الأخرى باللفظ فقال قضى موضع قوله هنا أو موضع قوله وقل لكان أولى وأكثر فائدة لما فيه من الإيضاح ورفع وهم احتمال أن يريد زيادة ألف على الياء فيصير قضيا وإنما قال هنا احترازا من التي في الزمز (قضى عليها الموت) ، فإن الخلاف فيها أيضا كهذا الخلاف وإن كان الأكثر ثم على مثل قراءة ابن عامر هنا وكان مستغنيا عن هذا الاحتراز فإن الإطلاق لا يعم غير ما في السورة التي هو في نظم خلفها على ما بيناه مرارا والله أعلم
(744)
وَقَصْرُ وَلاَ (هَـ)ـادٍ بِخُلْفٍ (زَ)كَا وَفي الْقِيَامَةِ لاَ الاولى وَبِالْحَالِ أُوِّلاَ
يعني بالقصر حذف ألف ولا من قوله (ولا أدراكم به) ، ومن قوله (لا أقسم بيوم القيامة) دون قوله (ولا أقسم بالنفس) ، فهذا معنى قوله لا الأولى أي وقصر لا الواردة في سورة القيامة أولا فالمعنى على القصر-لو شاء لأدراكم به-فتكون اللام جواب لو قال ابن مجاهد قرأت على قنبل (ولا أدراكم) ، فقال-ولا درأكم-فجعلها لا ما دخلت على أدراكم فراجعته غير مرة فلم يرجع ذكر ذلك في غير كتاب السبعة ويوجد في بعض نسخها ومعنى القصر في-لا أقسم-مؤول بأنها لام الابتداء دخلت على فعل الحال أي لأنا أقسم فهذا معنى قوله وبالحال أولا وقراءة الباقين بالمد ظاهرة في (ولا أدراكم) ، بكون لا نافية وأما في القيامة فيكون موافقة لما بعدها وفي معناها اختلاف للمفسرين قبل لا زائدة وقيل نافية ردا على الكفرة ثم استأنف-أقسم بيوم القيامة-فيتفق معنى القراءتين على هذا واختار الزمخشري أنه نفي للقسم على معنى أن المذكور قدره فوق ذلك والله أعلم
(745)
وَخَاطَبَ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُناَ (شَـ)ـذاً وَفي الرُّومِ وَالْحَرْفَيْنِ في النَّحْلِ أَوَّلاَ
عما يشركون فاعل خاطب وشذا حال منه ولو قدمه على هنا لكان أولى ليتصل المعطوف وهو قوله وفي الروم وما بعده بالمعطوف عليه وهو هنا ولئلا يتوهم أن الذي في الروم والنحل خطابه لغير حمزة والكسائي ولا سيما وقد قال في آخر البيت أولا فيتوهم أنه رمز لنافع وإنما هو ظرف للحرفين أي اللفظين الواقعين أول سورة النحل ولم يحترز بذلك من شيء بعدهما وإنما هو زيادة بيان وهذا مما يقوى ذلك الوهم ولو كان احترازا لخف أمره والذي هنا بعده (وما كان الناس إلا أمة) ، والذي في الروم بعده (ظهر الفساد) ، واللذان في النحل (سبحانه وتعالى عما يشركون)-(بالحق تعالى عما يشركون) ، الخطاب في الجميع للمشركين والغيب إخبار عنهم والله أعلم
(746)
يُسَيِّرُكُمْ قُلْ فِيهِ يَنْشُرُكُمْ (كـ)ـفَى مَتَاعَ سِوَى حَفْص بِرَفْعٍ تَحَمَّلاَ
أي جعل مكان يسيركم ينشركم من قوله تعالى (فانتشروا في الأرض)و(متاع الحياة الدنيا) ، بالرفع خبر-بغيكم-أو خبر مبتدأ محذوف أي هو متاع وخبر بغيكم-قوله-على أنفسكم-أي لا يتجاوزها ونصب متاع على أنه مصدر أي تتمتعون متاعا وقال أبو علي تبغون متاع الحياة الدنيا أو يكون متعلقا بقوله بغيكم وخبر بغيكم محذوف لطول الكلام
(747)
وَإِسْكَانُ قِطْعاً (دُ)ونَ (رَ)يْبٍ وُرُودُهُ وفِي بَاءِ تَبْلُو التَّاءُ (شَـ)ـاعَ تَنَزُّلاَ
القطع بسكون الطاء الجزء من الليل الذي فيه ظلمة قال الله تعالى (فأسر بأهلك بقطع من الليل) ، وقال الشاعر ، (افتحي الباب فانظري في النجوم كم علينا من قطع ليل بهيم) ، وبفتح الطاء جمع قطعة وكلتا القراءتين ظاهرة وقوله مظلما صفة قطعا على قراءة الإسكان وعلى قراءة الفتح هو حال من الليل وأما (هنالك تبلوا كل نفس) ، فقرأها حمزة والكسائي بتاءين من التلاوة أو من التلو وهو الإتباع وقرأها الباقون بباء موحدة قبل اللام من الاختبار وتنزلا نصب على التمييز ولم يقيد الناظم حرفي القراءة بما لا يحتمل التصحيف على عادته مثل شاع بالثا مثلثا وغيرهما بالباء نقطة أسفلا وهو مشكل إذ من الجائز أن تقرأ وفي تاء تبلوا الباء شاع فيكون عكس مراده فلو أنه قال في البيت الأول متاع سوى حفص وقطعا رضى دلا ، (بالإسكان تبلو كل نفس من التلاوة والباقون تبلو من البلا) ، لاتضح المراد ويكون الإطلاق في متاع دالا على رفعه فلا يحتاج إلى قيد على ما عرف من اصطلاحه والله أعلم
(748)
وَيَا لاَ يَهدِّي اكْسِرْ (صَـ)ـفِيًّا وَهَاهُ (نَـ)ـلْ وَأَخْفَى (بَـ)ـنُو (حَـ)ـمْدٍ وَخُفِّفَ (شُـ)ـلْشُلاَ
قصر يا وها ضرورة أراد (أم من لا يهدي) ، قرأه حمزة والكسائي من هدى يهدى كرمى يرمي وهو بمعنى يهتدى أو على أنه على تقدير إلا بأن يهدى وحرف الجر يحذف مع أن كثيرا وقراءة الباقين أصلها يهتدى فأريد إدغام التاء في الدال فألقيت حركتها على الهاء لتدل على حركة المدغم كما قالوا يعض ويرد ويفر والأصل يعضض ويردد ويفرر وكسر عاصم الهاء لالتقاء الساكنين ولم ينبه على حركة المدغم لأنه قد علم أن تاء الافتعال لا تكون إلا مفتوحة بخلاف عين الفعل المدغمة في يعض ويرد ويفر فإن حركتها اختلفت كما ترى ولم يفعل ذلك عاصم في (لا تعدو في السبت) ، ففتح كغيره ولم يكسر لأن الكسر في لا يهدي أنسب للياء قبلها وكسر شعبة الياء إتباعا للهاء ولا يجوز كسر ياء المضارعة إلا في مثل هذا وفي ييجل لتنقلب الواو ياء ومن أخفى حركة الهاء نبه بذلك على أن أصلها السكون قال في التيسير والنص عن قالون بالإسكان ، قلت والكلام عليه كما سبق في-لا تعدو-و-نعما-وغيرهما لأنه جمع بين الساكنين على غير حدهما فلا يستقيم وشلشلا حال لأنه كتب في المصحف بغير تاء فخفف قراءة في حال كونها خفيفا في الرسم ويجوز أن يكون شلشلا صفة قامت مقام المصدر وهي في معناه لا من لفظه ل فكأنه قال وخفف خفيفا أي تخفيفا كما قال قم قائما أي قياما وعنى بالتخفيف قراءة ترك تشديد الدال وبقي سكون الهاء لم ينبه عليه وهذا قد سبق له نظائر ولكنه نطق فيها بالكلمات مخففة نحو وفي الكل تلقف خف حفص ولا يتبعوكم خف ويغشى سما خفا وموهن بالتخفيف ذاع ولو قال في موضع وخفف شلشلا ويهدي شمردلا لكان أبين لكونه نص على لفظ القراءة كما نص على لفظ قراءة الباقين في قوله ويا لا يهدي اكسر فيكون المعنى وقريء يهدي في حال كونه شمردلا أي خفيفا
(749)
وَلكِنْ خَفِيفٌ وَارْفَعِ النَّاسَ عَنْهُمَا وَخَاطَبَ فِيهَا يَجْمَعُونَ (لَـ)ـهُ (مُـ)ـلاَ
أراد (ولكن الناس أنفسهم يظلمون) ، الخلاف فيها كما سبق في (ولكن الشياطين كفروا)-(ولكن البر من آمن)-(ولكن الله رمى) ، وقوله عنهما أي عن حمزة والكسائي والغيبة والخطاب في قوله-هو خير مما يجمعون-ظاهر أن الخطاب للكفار والغيب إخبار عنهم وقوله فيها أي في هذه السورة وملا جمع ملاءة وهي الملحفة وقد ذكرنا المراد بها
(750)
وَيَعْزُبُ كَسْرُ الضَّمِّ مَعْ سَبَأ (رَ)سَا وَأَصْغَرَ فَارْفَعْهُ وَأَكْبَرَ (فَـ)ـيْصَلاَ
أي مع حرف سبأ والكسر والضم في زاي يعزب لغتان ومعناه وما يبعد وما يغيب ومعنى رسا ثبت واستقر ورفع ولا أصغر على الابتداء والفتح على أنه اسم لا بني معها كالوجهين في لا حول ولا قوة إلا بالله بفتحهما ورفعهما على ما ذكرناه ، وقال كثير من الناس أن الرفع عطف على موضع من مثقال والفتح على لفظ مثقال أو على ذرة ولكنه لا ينصرف وهو مشكل من جهة المعنى ويزيل الإشكال أن يقدر قبل قوله-إلا في كتاب-ليس شيء من ذلك إلا في كتاب مبين وكذا يقدر في آية الأنعام (وعنده مفاتح الغيب) ، وأما الذي في سورة سبأ فلم يقرأ (ولا أصغر من ذلك ولا أكبر) ، إلا بالرفع فقط وهو يقوى قول من يقول إنه معطوف وسببه أن-مثقال-فيها بالرفع لأنه ليس قبله حرف جر وفيصلا حال من المرفوع وكأنه أشار إلى الوجه المذكور أولا أي انفصل مما قبله في المعنى فارتفع بالابتداء والخبر وقال الشيخ فيصلا حال من الفاعل في ارفعه أي حاكما في ذلك
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

(751)
مَعَ الْمدِّ قَطْعُ السِّحْرِ (حُـ)ـكْمٌ تَبَوَّءا بِيَا وَقْفِ حَفْصٍ لَمْ يَصِحَّ فَيُحْمَلاَ
أي قطع همز السحر مع ما بعدما حكم من الأحكام المنقول في علم القراءات يريد قوله تعالى (ما جئتم به السحر) ، قرأه أبو عمرو بقطع الهمزة على أنها للاستفهام وبالمد بعدها بدلا من همزة الوصل فصار مثل-آلذكرين-وهو استفهام بمعنى التقرير والإنكار عليهم وما في-ما جئتم به-استفهامية أيضا أي أي شيء جئتم به ثم ابتدأ-آلسحر-أي أهو السحر وقراءة الجماعة بهمزة وصل من غير مد على أن ما موصولة بجئتم به وهي مبتدأ والسحر خبرها أي الذي جئتم به السحر حقيقة وحكى أبو علي الأهوازي من طريق الأصمعي عن أبي عمرو مثل قراءة الجماعة وأما (أن تبوءا لقومكما) ، فروي عن حفص أنه إذا وقف عليه أبدل الهمزة ياء مفتوحة وأنكر ذلك أبو العباس الأشناني فيما حكاه ابن أبي هاشم عنه ولم يعرفه ، قال وقال في الوقف مثل الوصل يعني بالهمز قال الداني وبذلك قرأت وبه آخذ ، قلت وهو أيضا فاسد من جهة العربية فإنه ليس على قياس تسهيل الهمز وقول الناظم تبوءا مبتدأ ووقف حفص إن كان مرفوعا فهو مبتدأ ثان أي وقف حفص عليه بياء لم يصح وإن كان وقف مجرورا بإضافة يا إليه فالخبر لم يصح أي تبوءا باليا لم يصح ونصب فيحملا في جواب النفي بالفاء
(752)
وَتَتَّبِعَانِ النُّونُ خَفَّ (مَـ)ـدًّا وَمَاجَ بِالْفَتْحِ وَالإِسْكَانِ قَبْلُ مُثَقَّلاَ
أي خف مداه لأن الناطق بالخفيفة أقصر مدا من الناطق بالشديدة وهي نون رفع الفعل على أن تكون لا للنفي لا للنهي والواو للحال أي فاستقيما غير متعبين أو تكون جملة خبرية معناها النهي كقوله تعالى (لا تعبدون إلا الله) ، أو يكون إخبارا محضا بجملة مستأنفة أي ولستما تتبعان وإن قلنا إن لا نهي كانت النون نون التأكيد الخفيفة على قول يونس والفراء وكسرت لالتقاء الساكنين وقيل خففت الثقيلة للتضعيف كما تخفف رب وإن ثم إن الناظم ذكر رواية أخرى عن ابن ذكوان وليست في التيسير وهي بسكون التاء وفتح الباء وتشديد النون من تبع يتبع والنون المشددة للتأكيد فهذا معنى قوله وماج أي اضطرب بالفتح في الباء والإسكان في التاء قبل الباء ومثقلا حال من فاعل ماج وهو ضمير تتبعان وهذه قراءة جيدة لا إشكال فيها ، قال الداني في غير التيسير وقد ظن عامة البغداديين أن ابن ذكوان أراد تخفيف التاء دون النون لأنه قال في كتابه بالتخفيف ولم يذكر حرفا بعينه قال وليس كما ظنوا لأن الذين تلقوا ذلك أداء وأخذوه منه مشافهة أولى أن يصار إلى قولهم ويعتمد على روايتهم وإن لم يتفق ذلك في قياس العربية ولم يذكر ابن مجاهد عن ابن ذكوان غير هذا الوجه وذكر الأهوازي عن ابن عامر في هذه الكلمة أربع قراءات تشديد التاء والنون كالجماعة وتخفيفهما وتشديد التاء وتخفيف النون وعكسه تخفيف التاء وتشديد النون وهما الوجهان المذكوران في القصيدة وساق الأخير من طريق ابن ذكوان ، فإن قلت هل يجوز أن تكون الميم في وماج رمزا نحو الكاف من وكم صحبة لأنها قراءة ولم يذكر لها قارئا ، قلت لا يجوز لأن الرمز الحرفي إذا تمحض يجب تأخيره عن القراءة بل تكون هذه القراءة لمن رمز له في القراءة قبلها كقوله وعم بلا واو الذين البيت فالقراءتان متى اجتمعتا في بيت لقاريء متحد تارة يتقدم رمزه وتارة يتأخر مثل كفلا في البيت الذي أوله عليم وقالوا وقد رد القراءة في بيت لا رمز فيه على رمز في بيت قبله في قراءة فتثبتوا في سورة النساء فما هنا أولى والله أعلم
(753)
وَفِي أَنَّهُ اكْسِرْ (شَـ)ـافِياً وَبِنُونِهِ وَنَجْعَلُ (صِفْ) وَالْخِفُّ نُنْجِ (رِ)ضىً (عَـ)ـلاَ
يريد قوله تعالى (آمنت أنه) ، الكسر فيه للإستئناف أو على إضمار القول والقول هنا هو المعبر عنه بالإيمان أو ضمن-آمنت-معنى قلت والفتح على حذف الباء أي آمنت بأنه كذا نحو يؤمنون بالغيب وهو مفعوله من غير تقدير حرف جر أي صدقت أنه كذا والخلف في قوله سبحانه (ونجعل الرجس) ، بالنون والياء ظاهر النون للعظمة والياء لأن قبله-إلا بإذن الله-والهاء في قوله وبنونه لقوله ونجعل نحو في داره زيد لأن الواو في-ونجعل-من التلاوة فيكون-ونجعل-مبتدا وبنونه خبر مقدم أي استقر بنونه ويجوز أن تكون-ونجعل-مفعول صف أي صف بنونه والخف مبتدأ وننجي مفعول به كما ذكرنا في قوله في الأعراف والخف أبلغكم ورضى خبر المبتدا وعلا تمييز أو خبر بعد خبر وننجي المختلف في تخفيفه وتشديده هو (كذلك حقا علينا ننجي المؤمنين) ، وهما لغتان أنجى ونجى كأنزل ونزل ولا خلاف في تشديد الذي قبله (ثم ننجي رسلنا) ، ولا في تشديد-ننجيك ببدنك-في هذه الطريقة المنظومة وقد ذكر أبو علي الأهوازي الخلاف فيهما أيضا ونسب تخفيفهما إلى أبي عمرو والكسائي وكتبت ننجي المؤمنين بلا ياء في المصاحف الأئمة فلهذا يقع في كتب مصنفي القراءات بلا ياء ، قال الشيخ والوقف عليه على رسمه بغير ياء ، قلت ويقع في نسخ القصيدة ننج بلا ياء والأصل الياء كتابة ولفظا ، فإن قلت لعله ذكره بلا ياء ليدل على موضع الخلاف لأن الياء فيه محذوفة في الوصل لالتقاء الساكنين ، قلت لو كان أراد ذلك لم يحتج إلى تقييده بما ذكره في البيت الآتي وهو
(754)
وَذَاكَ هُوَ الثَّانِي وَنَفْسِي تَاؤُهَا وَرَبِّيَ مَعْ أَجْرِيَ وَإِنِّي وَلِي حُلاَ
يعني هو الثاني بعد كلمة-ونجعل الرجس-وإلا فهو الثالث لوعد-ننجيك-والكلام في هذا كما سبق في الأعراف في قوله-لا يعلمون-قل لشعبة في الثاني يعني بعد خالصة وإلا فهو ثالث ثم ذكر ياءات الإضافة وهي خمس وأراد (من تلقاء نفسي إن أتبع)-(قل إي وربي إنه لحق) ، فتحها نافع وأبو عمرو (إن أجري إلا على الله) ، فتحها نافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص (إني أخاف إن عصيت)-(لي أن أبدله) ، فتحهما الحرميان وأبو عمرو وحلا ليس برمز وكذا كل ما كان مثله مما مضى ومما يأتي من الأبيات المذكور فيها عدد ياءات الإضافة لأنه لم يذكر أحكامها في أواخر السور كما سبق بيانه والهاء في ياؤها للسورة وليس فيها من الزوائد شيء والله أعلم
سورة هود
(755)
وَإِنِّي لَكُمْ بِالْفَتْحِ (حَقُّ رُ)وَاتِهِ وَبَادِيءَ بَعْدَ الدَّالِ بِالْهَمْزِ (حُـ)ـلِّلاَ
يريد (إني لكم نذير مبين) ، في أول قصة نوح الفتح على حذف الباء أي أرسلناه بهذا الكلام والكسر على فقال-إني لكم-وأما-باديء الرأي-فذكر أن أبا عمرو قرأه بهمزة بعد الدال وبدأ الشيء أوله ولم يبين قراءة الجماعة وهي بياء مفتوحة إما من بدأ إذا ظهر أو يكون خفف الهمز الذي في قراءة أبي عمرو وقياس تخفيفه أنه يبدل ياء لانفتاحه وكسر ما قبله فهو كما في ضياء في قراءة قنبل ولو قال وباديء همز الياء عن ولد العلا لكان أجلى وأحلى وحلل من التحليل
(756)
وَمِنْ كُلِّ نُونٍ مَعْ قَدْ أَفْلَحَ عَالِماً فَعُمِّيَتِ اضْمُمْهُ وَثَقِّلْ (شَـ)ـذًّا (عَـ)ـلاَ
يريد (من كل زوجين اثنين) ، هنا وفي سورة (قد أفلح المؤمنون) ، التنوين في تقدير من كل شيء زوجين ويكون زوجين مفعولا واثنين تأكيدا وعلى قراءة غير حفص يكون اثنين مفعول احمل وأما (فعميت عليكم) ، فاضمم عينه وشدد ميمه فيكون معناه أخفيت وقراءة الباقين بالتخفيف على معنى خفيت ووزنه ولا خلاف في تخفيف (فعميت عليهم الأنباء) ، في سورة القصص وإعراضه عن ذكرها دليل على أن الخلف المذكور مختص بما في هذه السورة ألا ترى-أن من كل زوجين-لما كان في سورتين ذكرهما وهو أول هذا البيت ويجوز في البيت ضم تاء فعميت وكسرها كما قرئ بهما قوله تعالى (قالت اخرج) ، الكسر على التقاء الساكنين والضم للإتباع وشذا حال من الفاعل أو المفعول في اضممه وثقل أي ذا هذا عال والله أعلم
(757)
وَفِي ضَمِّ مَجْرَاهَا سِوَاهُمْ وَفَتْحُ يَا بُنَيِّ هُنَا (نَـ)ـصٌّ وَفِي الْكُلِّ (عُـ)ـوِّلاَ
أي غير حمزة والكسائي وحفص ضم ميم-مجراها-على أنه مصدر أجرى وهؤلاء فتحوها على أنها مصدر جرى وفي في قوله وفي ضم بمعنى على أي على ضمها من عدا هؤلاء وأما يا بني بفتح الياء وكسرها فلغتان مثل ما تقدم في-يا ابن أم-بفتح الميم وكسرها ففتح حفص الجميع ووافقه أبو بكر هنا فعلى الكسر أصله يبنى فحذفت الياء كما تقول يا غلام والأصل يا غلامي وعلى الفتح أبدلت الياء ألفا لتوالي الياءات والكسرات ثم حذفت الألف وبقيت الفتحة دالة عليها
(758)
وَآخِرَ لُقْماَنٍ يُوَالِيهِ أَحْمَدُ وَسَكَّنَهُ (زَ)اكٍ وَشَيْخُهُ الأَوَّلاَ
في لقمان ثلاثة مواضع (يا بني لا تشرك بالله)-(يا بني إنها إن تك)-(يا بني أقم الصلاة) ، فالوسطى على ما تقدم تفتح لحفص وتكسر لابن كثير وغيره والأولى والأخيرة فتحهما حفص وكسرهما من عدا ابن كثير وأما ابن كثير فسكن الأولى وله في الأخيرة وجهان فتحها البزي فوافق حفصا في ذلك وسكنها قنبل ووجه الإسكان أن بعد حذف ياء الإضافة بقي ياء مشددة هي مجموع ياء التصغير وياء لام الفعل فخفف ذلك التشديد بحذف الياء الأخيرة وهي لام الفعل وبقيت ياء التصغير وهي ساكنة وكأنه عند التحقيق وصل بنية الوقف فإذا وقف على المشدد جاز تخفيفه وفي قراءة ابن كثير جمع بين اللغات الثلاث ففتح وسكن وكسر الأكثر ومعنى يواليه يتابعه وأحمد هو اسم البزي وزاك عبارة عن قنبل وشيخه هو ابن كثير
(759)
وَفِي عَمَلٌ فَتْحٌ وَرَفْعٌ وَنَوِّنُوا وَغَيْرَ ارْفَعُوا إِلاَّ الْكِسَائِيَّ ذَا الْمَلاَ
يريد (إنه عمل غير صالح) ، فالفتح في الميم والرفع والتنوين في اللام فقراءة الكسائي واضحة أي إنه عمل عملا غير صالح وقراءة الجماعة على تقدير إنه ذو عمل وإن كانت الهاء في إنه عائدة على النداء فقراءتهم أيضا واضحة والملا الأشراف ويريد مشايخه أو أصحابه
(760)
وَتَسْئَلْنِ خِفُّ الْكَهْفِ (ظِـ)ـلٌّ (حِـ)ـمًي وَهَاهُنَا (غُـ)ـصْنُهُ وَافْتَحْ هُنَا نُونَهُ دَلاَ
الذي في الكهف (فلا تسئلن عن شيء)-(والذي هنا)-(فلا تسئلن ما ليس لك) ، وأصله فلا تسئل لحقته نون الوقاية بعدها ياء المفعول وهي ثابتة في الكهف لثبوتها في الرسم إلا في وجه عن ابن ذكوان تقدم ذكره في آخر باب الزوائد وأما هنا فحذفت الياء تخفيفا فهذه قراءة الجماعة المرموزين في هذا البيت والمراد بالتخفيف تخفيف النون والباقون ألحقوا نون التأكيد الخفيفة في آخر الفعل فأدغمت في نون الوقاية ففتحت اللام وكانت ساكنة لأجل التقاء الساكنين فبقيت نون مشددة مكسورة فبهذا قرأ نافع في الكهف مع إثبات الياء وكذا ابن عامر وفي وجه حذف ابن ذكوان الياء وأما هنا فقرأ ابن عامر ونافع وابن كثير بالتشديد إلا أن نافعا وابن عامر كسرا النون من غير ياء وابن كثير فتح النون لأنه ألحق الفعل نون التأكيد الثقيلة ولم يأت بنون الوقاية ولا ياء المفعول وإنما لم يفعل في الكهف مثل هذه لأن الياء فيه ثابتة في الرسم ويلزم من إثبات الياء كسر النون وأما التي في هود فلم ترسم فيها ياء فأمكن فيها القراءتان وقول الناظم خف الكهف صفة-تسئلن-أي الخفيف في سورة الكهف وظل حمى خبره ولفظ بقوله-تسئلن-بلا ياء ليشمل لفظ ما في السورتين وقوله وههنا غصنه أي فرع ذلك لأن من خففه أقل عددا من مخفف الكهف وقد سبق معنى ولا وفاعله ضمير عائد على تسألن أي جمع وجوه القراءات فيه من فتح وكسر وتخفيف وتشديد في السورتين فهو كمن أخرج دلوه ملآنا
(761)
وَيَوْمَئِذٍ مَعْ سَالَ فَافْتَحْ (أَ)تَى (رِ)ضاً وَفِي النَّمْلِ (حِصْنٌ) قَبْلَهُ النُّونُ (ثُـ)ـمِّلاَ
يريد (ومن خزي يومئذ) ، وفي سورة-سأل سائل-(لو يفتدي من عذاب يومئذ) ، قريء بفتح الميم وجرها فأما جرها فظاهر لأنه اسم أضيف إليه ما قبله فكان مجرورا وأما وجه الفتح فكونه أضيف إلى غير متمكن وهو إذ وهذه حالة كل ظرف لزم الإضافة إذا أضيف إلى غير متمكن ويجوز أن لا يبني وعليه القراءة الأخرى ، وأما الذي في النمل وهو (وهم من فزع يومئذ) ، فزاد على فتح الميم عاصم وحمزة لكن الكوفيون نونوا قبله-من فزع-فهذا معنى قوله قبله النون أي قبل يومئذ زاد الكوفيون نونا أو تنوينا والباقون أضافوا-من فزع-إلى-يومئذ-فمن جر الميم مع الإضافة فقراءته واضحة كما سبق شرحه وهو ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر على أصلهم ومن فتحها مع الإضافة وهو نافع وحده فوجهه ما تقدم ، فقراءته في السور الثلاث على طريقة واحدة وأما فتح الميم بعد التنوين فهو في قراءة عاصم وحمزة يكون حركة إعراب وهو ظرف منصوب إما بفزع وإما بآمنون وقراءة الكسائي تحتمل الأمرين لأنه فتح الذي في هود وسأل لاعتقاده فيه البناء فكذا لو وجه هذا التنكير في فزع أنه أريد تهويله أي من فزع عظيم وهو الفزع الأكبر آمننا الله تعالى منه ومعنى ثمل أصلح لأن التنوين جود الفتح على الظرفية ولم يخرج إلى وجه البناء والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

(762)
ثَمُودَ مَعُ الْفُرْقَانِ وَالْعَنْكَبُوتِ لَمْ يُنَوَّنْ (عَـ)ـلَى (فَـ)ـصْلٍ وَفِي النَّجْمِ (فُـ)ـصِّلاَ
أراد (ألا إن ثمودا كفروا ربهم) ، وفي الفرقان (وعادا وثمود وأصحاب الرس) ، وفي العنكبوت (وعادا وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم) ، وفي النجم (وثمودا فما أبقى) ، لم ينون الجميع حفص وحمزة ووافقهما أبو بكر على عدم تنوين الذي في النجم ورمزه في أول البيت الآتي نما لأن النون لعاصم بكماله في اصطلاح هذه الطريقة عبارة عن أبي بكر وحفص معا والباقون نونوا في الجميع ووجه التنوين وعدمه مبني على صرف هذه الكلمة وعدم صرفها وللعرب فيها مذهبان تارة تصرفها ذهابا إلى اسم الحي وتارة تترك صرفها ذهابا إلى اسم القبيلة وكذا الخلاف في سبأ لما سيأتي في سورة النمل ، فإن قلت أطلق قوله ثمود هنا فما المانع أن يظن أنه أراد التي في أول القصة-وإلى ثمود أخاهم صالحا-وهو غير منصرف اتفاقا قلت منع منه أمران ، أحدهما أن هذا سابق على كلمة يومئذ فلو كان فيه خلاف لذكره قبل مسئلة يومئذ لا يقال إنه في بعض المواضع يقدم ما تأخر من الحروف ويؤخر ما تقدم كقوله بعد هذا البيت ويعقوب ثم قال هنا قال سلم ومثله ودرى اكسر ثم قال يسبح فتح الياء كذا صف وتوقد البيت ولفظ توقد قبل يسبح وإنما ضرورة النظم تحوج إلى مثل هذا فإن جوابه أنه لا ضرورة هنا لأن مسئلة يومئذ في بيت مستقل فكان يمكنه تأخيره ، الأمر الثاني أن جميع هذه المواضع الأربعة المختلف فيها منصوبة والخلاف واقع في إثبات التنوين وعدمه فقط وأما قوله وإلى ثمود فمجرور فلا يكفي فيه ذكر التنوين بل لا بد من جره عند من صرفه كما ذكر بعد ذلك في لثمود فلم يدخل في مراده والله أعلم ، قال سيبويه وثمود وسبأهما مرة للقبيلتين ومرة للحيين وكثرتهما سواء ، قال أبو علي فمن صرف في جميع المواضع كان حسنا ومن لم يصرف في جميع المواضع فكذلك وكذلك إن صرف في موضع ولم يصرف في موضع آخر إلا أنه لا ينبغي أن يخرج عما قرأت به القراء لأن القراءة سنة فلا ينبغي أن نحمل على ما تجوزه العربية حتى ينضم إلى ذلك الأثر من قراءة القراء وقول الناظم على فصل أي على قول فصل والله أعلم ، واختار أبو عبيد قراءة التنوين في هذه المواضع الأربعة لأنها رسمت بألف بعد الدال وهو دليل الصرف
(763)
(نَـ)ـماَ لِثَمُودٍ نَوِّنُوا وَاخْفِضُوا (رِ)ضاَ وَيَعْقُوبُ نَصْبُ الرَّفْعِ (عَـ)ـنْ (فَـ)ـاضِلٍ (كَـ)ـلاَ
نما من تتمة رمز الذي في النجم ثم ابتدأ لثمود أراد (ألا بعدا لثمود) ، صرفه الكسائي فخفضه ونونه موافقة لما قبله وهو (ألا إن ثمودا) ، وفتحه الباقون غير منون لأنه غير مصروف وقوله رضى أي ذوي رضى وموضع لثمود نصب ما بعده وقريء يعقوب بالنصب والرفع فالنصب على تقدير ووهبنا لها يعقوب من وراء إسحاق ودل عليه معنى قوله تعالى (فبشرناها بإسحاق) ، لأنه في معنى وهبنا واختاره أبو علي وذكر وجهين آخرين على ضعف فيهما أحدهما أن يكون مجرورا عطفا على إسحاق والثاني أن يكون منصوبا عطفا على موضع بإسحاق أي فبشرناها-بإسحاق-ويعقوب من وراء إسحاق وضعفهما من جهة الفصل بين واو العطف والمعطوف بالظرف فهو كالفصل بين الجار والمجرور ولو قلت مررت بزيد اليوم وأمس عمرو على تقدير وبعمر وأمس لم يحسن ولكن في الشعر يحتمل مثل ذلك كما جاء بكف يوما يهودي ، ومثله في الفصل بين حرف العطف والمرفوع وآونة أثالي وفي المنصوب (ويوما أديمها نعلا ) ، في بيتين معروفين أنشدهما أبو علي وغيره الأول لابن أحمر والثاني للأعشى وله نظير في إعراب بعضهم (ولكل قوم هاد) ، على أن هاد عطف على منذر أي أنت منذر وهاد لكل قوم وقد مضى في هذه القصيدة وسيأتي نحو من ذلك في نظم الناظم وذكر وجه العطف جماعة من أئمة العربية وأما قراءة يعقوب بالرفع فعلى الابتداء وخبره ما قبله أي مولود لها من رواء إسحاق يعقوب أو يكون فاعل من وراء على قول الأخفش أي واستقر لها من وراء إسحاق يعقوب ، قال أبو جعفر النحاس وتكون الجملة في موضع الحال وأظنه في البشارة أي فبشرناها بإسحاق متصلا به يعقوب قال ويجوز على إضمار فعل أي ويحدث من وراء إسحاق يعقوب وقوله نصب الرفع أي نصب رفعه أو نصب الرفع فيه منقول عن فاضل كلأه أي حفظه
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

(764)
هُناَ قَالَ سِلْمٌ كسْرُهُ وَسُكُونُهُ وَقَصْرٌ وَفَوْقَ الطُّورِ (شَـ)ـاعَ تَنَزُّلاَ
كسره مبتدأ وسكونه وقصر عطف عليه وشاع خبر المبتدأ وتنزلا تمييز وفوق الطور عطف على هنا أي قوله قال سلم موضع قال سلام-هنا وفي الذاريات وهما لغتان كحرم وحرام وحل وحلال وقيل سلم ضد حرب وذلك لأنه نكرهم فقال أنا مسالم لكم ورفعه على حكاية قوله أي سلام عليكم أوامري سلام ونصب-قالوا سلاما-أي قولا ذا سلامة لم يقصد فيه حكاية قولهم وكذا معنى قوله تعالى (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) ، وأما في كل موضع يقصد التسليم فلم يأت الأمر معرفا والأكثر تنكيره (سلام عليكم بما صبرتم)-(سلام قولا من رب رحيم)-(سلام على نوح)-(وسلام عليه يوم ولد) ، وجاء معرفا في (والسلام علي يوم ولدت)-(والسلام على من اتبع الهدى) ، وقيل التقدير سلمنا سلاما وله نظائر والله أعلم
(765)
وَفَاسْرِ أَنِ اسْرِ الْوَصْلُ (أَ)صْلٌ (دَ)ناَ وَهَاهُنَا حَقٌّ إِلاَّ امْرَاتَكَ ارْفَعْ وَأَبْدِلاَ
يريد حيث جاء هذان اللفظان وجاء فأسر في ثلاث سور هنا (فأسر بأهلك بقطع من الليل) ، ومثله في الحجر والدخان (فأسر بعبادي ليلا) ، وأما (أن أسر) ، ففي طه والشعراء عني بالوصل همزة الوصل ولا يظهر لفظها إلا على تقدير أن تقف على أن فتبتديء إسر بكسر الهمزة وأما إذا وصلت فلا يظهر إلا أثرها وهو حذفها في الدرج وكسر النون من أن لالتقاء الساكنين لورش وغيره وأما في كلمة فأسر فلا يظهر أثر إلا في حذفها وقرأ الباقون بهمزة القطع المفتوحة فالنون من أن ساكنة على أصلها لكنها تفتح لحمزة إذا وقف على أن أسر على رواية نقل الحركة له في الوقف والقراءتان مبنيتان على الفعل الذي منه هذا الأمر وفيه لغتان سرى وأسرى فعلى لغة سرى جاءت همزة الوصل في الأمر كقولك ارم من رمى وعلى لغة أسرى جاءت همزة القطع كقولك من أعطى أعط ويشهد لسرى قوله سبحانه (والليل إذا يسر) ، ويشهد لأسرى قوله تعالى (سبحان الذي أسرى) ، ويتعلق بهما بحث كما ذكرناه في تفسير آية سبحان فأما قوله تعالى (ولا يلتفت منكم أ حد إلا امرأتك) ، فقريء برفع امرأتك ونصبها فقوله ههنا احترازا من الذي في العنكبوت (إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك) ، فإنه منصوب باتفاق لأنه مستثنى من موجب وأما هنا فمستثنى من غير موجب فجرى فيه الوجهان النصب والرفع كما سبق في سورة النساء (ما فعلوه إلا قليل منهم) ، و (إلا قليلا) ، لكن لم يقرأ بالنصب ثم إلا واحد وههنا الأكثر على النصب فلهذا قال جماعة من أئمة العربية إنه مستثنى من قوله تعالى (فأسر بأهلك) ، ليكون مستثنى من موجب وهذا فيه إشكال من جهة المعنى إذ يلزم من استثنائه من (فأسر بأهلك) ، أن لا يكون أسرى بها وإذا لم يسر بها كيف يقال (لا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك) ، على قراءة الرفع فكيف تؤمر بالالتفات وقد أمر أن لا يسري بها فهي لما التفتت كانت قد سرت معهم قطعا فيجوز أن يكون هو لم يسر بها ولكنها تبعتهم والتفتت فأصابها ما أصاب قومها والذي يظهر لي أن الاستثناء على القراءتين منقطع لم يقصد به إخراجها من المأمور بالإسراء بهم ولا من المنهيين عن الالتفات ولكن استؤنف الإخبار عنها بمعنى لكن امرأتك يجري لها كيت وكيت والدليل على صحة هذا المعنى أن مثل هذه الآية جاءت في سورة الحجر وليس فيها استثناء أصلا فقال تعالى (فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون) ، فلم تقع العناية إلا بذكر من أنجاهم الله تعالى فجاء شرح حال امرأته في سورة هود تبعا لا مقصودا بالإخراج مما تقدم ونحو ذلك قوله تعالى في سورة الحجر (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين) ، قال كثير من المفسرين إنه استثناء متصل وبنى قوم على ذلك جواب الاستثناء الأكثر من الأقل لأن الغاوي أكثر من المهتدي وعندي أنه منقطع بدليل أنه في سورة سبحان (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا) ، فأطلق ولم يستثن الغاوين دل على أنه أراد بقوله تعالى-عبادي المخلصين-المكلفين وهم ليس للشيطان عليهم سلطان فلا حاجة إلى استثناء الغواة منهم فحيث جاء في الحجر استثناء الغواة كان على سبيل الانقطاع أي لكن من اتبعك من الغاوين لك عليهم سلطان فإذا اتضح هذا المعنى لك علمت أن القراءتين واردتان على ما يقتضيه العربية في الاستثناء المنقطع ففيه لغتان النصب والرفع فالنصب لغة أهل الحجاز وعليها الأكثر والرفع لبني تميم وعليها اثنان من القراء ولهذا قلت في المنظومة التي في النحو ، (واحمل على المنقطع إلا امرأتك في هود مطلقا فتقوى حجتك) ، وقول الناظم ارفع وأبدلا يجوز بضم الهمزة وفتحها فضمها على أنه فعل لم يسم فاعله وفتحها على الأمر والألف في آخره بدل من نون التأكيد الخفيفة والمعنى واحكم على المرفوع أنه بدل من أحد قوله-ولا يلتفت منكم أحد-هذا على قول الجماعة إنه مستثنى من ذلك ولم يختلفوا فيه وإنما الخلاف بينهم في قراءة النصب منهم من استثناها من ذلك ومنهم من استثناها من-فأسر بأهلك-وقوله-إلا امرأتك-أبدل فيه الهمزة ألفا ليتزن له النظم وقد سمع نحو ذلك من العرب يقولون المرأة والكماة فيبدلونها ألفا ولزم من هذه العبارة في نظمه إيهام وذلك أنه قال ارفع وأبدلا فيظن أنه أراد ما لفظ به من إبدال الهمزة ألفا وإنما أراد الإبدال من جهة الإعراب ووقع لي في تصحيح ما أعربه النحاة معنى حسن وذلك أن يكون في الكلام اختصار نبه عليه اختلاف القراءتين وكأنه قيل فأسر بأهلك إلا امرأتك وكذا روى أبو عبيد وغيره أنها في قراءة ابن مسعود هكذا وليس فيها-ولا يلتفت منكم أحد-فهذا دليل على استثنائها من المسري بهم ثم كأنه سبحانه قال فإن خرجت معكم وتبعتكم من غير أن تكون أنت سريت بها فإنه أهلك عن الالتفات غيرها فإنها ستلتفت ويصيبها ما أصاب قومها فكانت قراءة النصب دالة على ذلك المعنى المتقدم وقراءة الرفع دالة على هذا المعنى المتأخر ومجموعها دال على جملة المعنى المشروح
(766)
وَفِي سَعِدُوا فَاضْمُمْ (صِحَابًـ)ـا وَسَلْ بِهِ وَخِفُّ وَإِنْ كُلاًّ (إِ)لَى (صَـ)ـفْوِهِ (دَ)لاَ
صحابا أي ذا صحاب ويقال سال عنه وسال به بمعنى وعليه حمل قوله تعالى (سأل سائل بعذاب) ، أي عن عذاب ومنه (فسئل به خبيرا) ، وقال علقمة ( فإن تسألوني بالنساء فإنني ) ، وقال الشيخ سل به بمعنى اعتن به واشتغل به كما يقال سل عنه بمعنى ابحث عنه وفتش عنه وإنما قال ذلك لصعوبة تخريج وجه الضم لأنه يقتضي أن يكون سعد متعديا وهي لغة مجهولة ويدل على وجودها قولهم مسعود والمعروف أسعده الله بالألف وقيل إن سعد لغة هذيل يقال سعد كما يقال جن وأما-وإن كلا لما ليوفينهم- فمعناها على القراءات من أشكل الآيات وقد نظم في هذا البيت الخلاف في أن وفي البيت الآتي الخلاف في لما والخلاف فيهما في التشديد والتخفيف فقوله-وإن كلا-في موضع خفض بإضافة وخف إليه واعلم أن إن يجوز تخفيفها وهي باقية على إعمالها فقوله كلا اسمها مخففة كانت أو مشددة ولا يجوز أن يكون المخففة نافية لأنها قد نصبت كلها وقد دخلت اللام في الخبر إلا في قراءة من شدد كما يأتي فهي قراءة أبي بكر وحده وقوله إلى صفوه دلا خبر وخف وإن كلا والهاء في صفوه للخف وفاعل دلا ضمير عائد إلى القاريء أي إلى صفو الخف أدلى القاريء دلوه ثم استخرجها أي وجد قراءة حلوة فقرأ بها يقال دلوت الدلو نزعتها وأدليتها أرسلتها في البئر قال الله تعالى (فأدلى دلوه) ، واجتزى الشاطبي بقوله دلا عن أن يقول أدلى فدلا لأنه لا يوصف بأنه دلا إلا بعد أن يكون أدلى دلوه ، وقال صاحب الصحاح قد جاء في الشعر الدالي بمعنى المدلي فإذا كان الأمر كذلك ظهر قول الناظم داي لا إلى صفوه بمعنى أدلى دلوه إليه والله أعلم
 

ايمن شعبان

مزمار ألماسي
8 مايو 2008
1,568
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
رد: شرح الشاطبية لابي شامة الجزء الثاني

(767)
وَفِيها وَفِي يس وَالطَّارِقِ العُلا يُشَدِّدُ لَمَّا كَامِلُ نَصَّ فَاعْتَلا العلى
العلى نعت للطارق وفي جعله نعتا للسور الثلاث نظر من جهة أن بعضها معبر عنه بالضمير والمضمر لا يوصف فأشار إلى قوة قراءة من شدد لما بقوله كامل نص فاعتلا فالقراءات في هاتين الكلمتين (أن ولما) ، أربع تخفيفهما لنافع وابن كثير تشديدهما لابن عامر وحمزة وحفص تخفيف إن وتشديد لما لأبي بكر وحده تشديد إن وتخفيف لما لأبي عمرو والكسائي فمن شدد إن وخفف لما فاللام في لما هي التي تدخل فيما كان في خبر إن واللام في-ليوفينهم-جواب قسم محذوف ومثله (وإن منكم لمن ليبطئن) ، غير أن اللام في لمن داخلة على الاسم وفي لما داخلة على موضع الخبر وقام القسم وجوابه مقام الخبر و-ما-في لما زائدة لتفرق بين اللامين لام التوكيد ولام القسم وقيل بمعنى الذي وزاد بعضهم فجعلها بمعنى من وقيل اللام في لما موطئة للقسم مثل (لئن أشركت ليحبطن عملك) ، والمعنى وإن جميعهم والله ليوفينهم ربك أعمالهم من حسن وقبح وإيمان وجحود فهذا تعليل قراءة أبي عمرو والكسائي ، قال الفراء جعل ما اسما للناس كما جاز (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) ، ثم جعل اللام التي فيها جوابا لأن وجعل اللام التي في ليوفينهم لا ما دخلت على نية يمين فيما بين ما وصلتها كما تقول هذا من ليذهبن وعندي ما لغيره خير منه ومثله (وإن منكم لمن ليبطئن) ، ثم قال بعد ذلك ما يدل على أن اللام مكررة فقال إذا عجلت العرب باللام في غير موضعها أعادوها إليه نحو إن زيدا لإليك لمحسن ومثله ، (ولو أن قومي لم يكونوا عزة لبعد لقد لالقيت لابد مصرعا) ، قال أدخلها في بعد وليس بموضعها وسمعت أبا الجراح يقول إني بحمد الله لصالح وقال أبو علي في قراءة من شدد إن وخفف لما وجهها بين وهو أنه نصب كلا بأن وأدخل لام الابتداء على الخبر وقد دخل في الخبر لام-ليوفي-وهي التي يتلقى بها القسم وتختص بالدخول على الفعل فلما اجتمع اللامان فصل بينهما كما فصل بين أن واللام فدخلت ما وإن كانت زائدة للفصل ومثله في الكلام إن زيدا لما لينطلقن ، قال هذا بين ويلي هذا الوجه في البيان قراءة من خفف (إن ولما) ، وهي قراءة ابن كثير ونافع ، قال سيبويه حدثنا من نثق به أنه سمع من العرب من يقول إن عمرا لمنطلق كما قالوا كأن ثدييه حقان قال ووجهه من القياس (أن:إن) ، مشبهة في نصبها بالفعل والفعل يعمل محذوفا كما يعمل غير محذوف نحو لم يك زيد منطلقا (فلا تك في مرية) ، وكذلك لا أدر ، قلت فتعليل هذه القراءة كالتي قبلها سواء واللام في لما هي الفارقة بين المخففة من الثقيلة والنافية وقال الفراء وأما الذين خففوا أن فإنهم نصبوا وهو وجه لا أشتهيه لأن اللام لا يقع الفعل الذي بعدها على شيء قبله فلو وقعت كل لصلح ذلك كما يصلح أن يقول إن زيدا لقائم لا يصلح إن زيدا لاضرب لأن تأويلها كتأويل إلا ، قلت واستشكل أبو علي وغيره قراءة من شدد لما هنا في سورة هود سواء شدد إن أو خففها لأنه قد نصب بها-كلا-وإذا نصب بالمخففة كانت بمنزلة المثقلة فكما لا يحسن إن زيدا إلا منطلق لأن إلا إيجاب بعد نفي ولم يتقدم هذا إلا إيجاب مؤكد فكذا لا يحسن إن زيدا لما منطلق لأنه بمعناه وإنما شاع نشدتك بالله إلا فعلت ولما لأن معناه الطلب فكأنه قال ما أطلب منك إلا فعلك فحرف النفي مراد مثل (تالله تفتأ) ، ومثل أبو علي بقولهم شر أهر ذا ناب أي ما أهره إلا شر قال وليس في الآية معنى النفي ولا الطلب وحكى عن الكسائي أنه قال لا أعرف وجه التثقيل في لما ، قال أبو علي ولم يبعد فيما قال قال أبو جعفر النحاس القراءة بتشديدها عند أكثر النحويين لحن حكى عن محمد بن يزيد أن هذا لا يجوز ولا يقال إن زيدا إلا لأضربنه ولا لما لأضربنه قال وقال الكسائي الله جل وعز أعلم بهذه القراءة ما أعرف لها وجها قال وللنحويين بعد هذا فيها أربعة أقوال فذكرها مختصرة وأنا أبسطها وأنبه على ما فيها ثم أذكر وجها خامسا هو الحق إن شاء الله تعالى ، الأول قاله الفراء وتبعه فيه جماعة قال أراد لمن ما فلما اجتمع ثلاث ميمات حذف واحدة فبقيت ثنتان فأدغمت إحداهما في الأخرى كما قال الشاعر ، (وإني لما أصدر الأمر وجهه إذا هو أعيا بالسبيل مصادر) ، قال نصر بن علي الشيرازي وصل من الجارة بما فانقلبت النون أيضا ميما للإدغام فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت أحديهن فبقي لما بالتشديد قال وما هاهنا بمعنى من وهو اسم لجماعة الناس كما قال تعالى (فانكحوا ما طاب) ، أي من طاب والمعنى وإن كلا من الذين ليوفينهم ربك أعمالهم أو من جماعة ليوفينهم ربك أعمالهم ، قال المهدوي حذفت الميم المكسورة والتقدير لمن خلق ليوفينهم وجوز أن يكون تقدير هذا الوجه لمن ما بفتح الميم وتكون اللام داخلة على من التي بمعنى الذي وما بعدها زائدة ، قال فقلبت النون ميما وأدغمت في الميم التي بعدها فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت الوسطى منهن وهي المبدلة من النون فقيل لما قلت فقد صار لهذا الوجه الذي استنبطه الفراء تقديران وسبق المهدوي إلى التقدير الثاني أبو محمد مكي وقال التقدير وإن كلا لخلق ليوفينهم ربك قال فيرجع إلى معنى القراءة الأولى التي بالتخفيف وهذا هو الذي حكاه الزجاج فقال زعم بعض النحويين أن معناه لمن ما ثم قلبت النون ميما فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت الوسطى قال وهذا القول ليس بشيء لأن من لا يجوز حذفها لأنها اسم على حرفين وقال النحاس قال أبو إسحاق هذا خطأ لأنه يحذف النون من من فيبقى حرف واحد وقال أبو علي إذا لم يقو الإدغام على تحريك الساكن قبل الحرف المدغم في نحو قوم مالك فأن لا يجوز الحذف أجدر قال علي إن في هذه السورة ميمات اجتمعت في الإدغام أكثر مما كان يجتمع في لمن ما ولم يحذف منها شيء وذلك قوله (وعلى أمم ممن معك ) ، فإذا لم يحذف شيء من هذا فأن لا يحذف ثم أجدر ، قلت وما ذكره الفراء استنباط حسن وهو قريب من قولهم في (لكنا هو الله ربي) ، أصله لكن أنا ثم حذفت الهمزة وأدغمت النون في النون وكذا قولهم أما أنت منطلقا انطلقت قالوا المعنى لأن كنت منطلقا وما أحسن ما استخرج الشاهد من البيت الذي أنشده واجتمع في-أمم ممن معك-ثماني ميمات خمس ظاهرة والتنوين في أمم والنون من ممن كلاهما تقلب ميما وتدغم في الميم بعده على ما تمهد في بابهما في الأصول ثم إن الفراء أراد أن يجمع بين قراءتي التخفيف والتشديد من لما في معنى واحد فقال ثم يخفف كما قرأ بعض القراء (والبغي يعظكم) بحذف الياء عند الياء أنشدني الكسائي شعرا ، (واشمت العداة بنا فأضحوا لدى تباشرون بما لقينا) ، معناه يتباشرون فحذف ياؤه لاجتماع الياءات قلت الأولى أن يقال حذفت ياء الإضافة من لدى فبقيت الياء الساكنة قبلها المنقلبة عن ألف لدى وهو مثل قراءة من قراءة-يا بني-بالإسكان على ما سبق وأما الياء من يتباشرون فثابتة لدلالتها على المضارعة قال ومثله كأن من آخرها القادم يريد إلى القادم فحذف عند اللام اللام الأولى قلت لأن آخر إلى حذف لالتقاء الساكنين وهمزة الوصل من القادم تحذف في الدرج فاتصلت لام إلى بلام التعريف في القادم فحذفت الثانية على رأيه والأولى أن يقال حذفت الأولى لأن الثانية دالة على التعريف فلم يبق من حروف إلى غير الهمزة فاتصلت بلام القادم فبقيت الهمزة على كسرها وهذا قريب من قولهم (ملكذب) ، في من من الكذب (وبالعنبر) ، في بني العنبر (وعلماء) ، بنو فلان أي على الماء ، القول الثاني قال الزجاج زعم المازني أن أصلها لما بالتخفيف ثم شددت الميم قال وهذا ليس بشيء لأن الحروف نحو رب وما أشبهها تخفف ولسنا نثقل ما كان على حرفين ، الثالث قال النحاس قال أبو عبيد القاسم بن سلام الأصل-وإن كلا لما ليوفينهم-بالتنوين من لممته لما أي جمعته ثم بني منه فعلى كما قريء-ثم أرسلنا رسلنا تترا-بغير تنوين وبتنوين ، قلت الذي في كتاب القراءات لأبي عبيد وروى عن بعض القراء-وإن كلا لما-منونة يريد جميعا قال وهي صحيحة المعنى إلا أنها خارجة عن قراءة الناس وقال الفراء المعنى-وإن كلا-شديدا-ليوفينهم-وإن كلا-حقا-ليوفينهم- وقال أبو علي وقد روى أنه قريء-وإن كلا لما-منونا كما قال-وتأكلون التراث أكلا لما-فوصف بالمصدر وينبغي أن يقدر المضاف إليه كل نكرة ليحسن وصفه بالنكرة ولا يقدر إضافته إلى معرفة فيمتنع أن تكون لما وصفا له ولا يجوز أن تكون حالا لأنه لا شيء في الكلام عامل في الحال قال فإن قال إن لما فيمن ثقل إنما هي لما هذه وقف عليها بالألف ثم أجرى الوصل مجرى الوقف فذلك مما يجوز في الشعر ، قال ابن جني معنى لما بالتنوين توفية جامعة لأعمالهم جمعا ومحصلة لأعمالهم تحصيلا فهو كقولك قياما لأقومن وقعودا لأقعدن قال الشيخ أبو عمرو رحمه الله استعمال لما في هذا المعنى بعيد وحذف التنوين من المنصرف في الوصل أبعد قال وقيل لما فعلى من اللم ومنع الصرف لأجل ألف التأنيث والمعنى فيه مثل مضى لما المنصرف قال وهذا أبعد إذ لا تعرف لما فعلى بهذا المعنى ولا بغيره ثم كان يلزم هؤلاء أن يميلوا لمن أمال وهو خلاف الإجماع وأن يكتبوها بالياء وليس ذلك بمستقيم ، قلت فهذه ثلاثة أوجه وهي خمسة في المعنى لأن الأول اختلف في تقديره على وجهين لمن ما بكسر الميم وفتحها وهذا الثالث اختلف في ألفه على وجهين أحدهما أنها بدل من التنوين والثاني أنها للتأنيث ، القول الرابع قال الزجاج وقال بعضهم قولا ولا يجوز غيره (إن لما) في معنى (إلا) مثل (إن كل نفس لما عليها حافظ) ، ثم أتبع ذلك بكلام طويل مشكل حاصله أن معنى إن زيد لمنطلق ما زيد إلا منطلق فأجريت المشددة كذلك في هذا المعنى إذا كانت اللام في خبرها وعملها النصب في اسمها باق بحاله مشددة ومخففة والمعنى نفي بأن وإثبات باللام التي في معنى إلا ولما بمعنى إلا قلت قد تقدم إنكار أبي على جواز إلا في مثل هذا الموضع فكيف يجوز لما التي بمعناها على أن من الأئمة من أنكر مجيء لما بمعنى إلا قال أبو عبيد أما من شدد لما يتأولها إلا فلم نجد هذا في كلام العرب ومن قال هذا لزمه أن يقول رأيت القوم لما أخاك يريد إلا أخاك وهو غير موجود ، قال الفراء وأما من جعل لما بمنزلة إلا فإنه وجه لا نعرفه وقد قالت العرب مع اليمين بالله لما قمت عنا وإلا قمت عنا فأما في الاستثناء فلم تقله في شعر ولا غيره ألا ترى أن ذلك لو جاز لسمعت في الكلام ذهب الناس لما زيدا ، قلت وقد ذكر ابن جني وغيره أن إلا تقع زائدة فلا بعد في أن تقع لما التي بمعناها زائدة فهذا وجه آخر فصارت الوجوه سبعة والصحيح في معنى لما المشددة في هذه السورة ما قاله الشيخ أبو عمرو رحمه الله في أماليه المفرقة على مواضع من القرآن وغيره قال لما هذه هي لما الجازمة حذف فعلها للدلالة عليه لما ثبت من جواز حذف فعلها في قولهم خرجت ولما وسافرت ولما ونحوه وهو سائغ فصيح فيكون المعنى وإن تلا لما يهملوا ولما يتركوا لما قدم من الدلالة عليه من تفصيل المجموعين كقوله تعالى (فمنهم شقي وسعيد) ، ثم ذكر الأشقياء والسعداء ومجازاتهم ثم بين ذلك بقوله-ليوفينهم ربك أعمالهم- قال وما أعرف وجها أشبه من هذا وإن كانت التنوسي تستبعده من جهة أن مثله لم يقع في القرآن قال والتحقيق يأبى استبعاد ذلك قلت هذا وجه مليح ومعنى صحيح والسكوت على لما دون فعلها قد نص عليه الزمخشري في مفصله وأنشد ابن السكيت شاهدا على ذلك في كتاب معاني الشعر له ، (فجئت قبورهم بدءا ولما فناديت القبور فلم يجبنه) ، وقال في معناه بدءا أي سيدا وبدؤ القوم أي سيدهم وبدء الجزو خبر أنصبائها قال وقوله ولما أي لم أكن سيدا إلا حين ماتوا فإني سدت بعدهم كما قال الآخر ، (خلت الديار فسدت غير مدافع ومن الشقاء تفردي بالسودد) ، قلت ونظير السكوت على لما دون فعلها سكوت النابغة على قد دون فعلها في قوله ، (أزف الترحل غير أن ركاينا لما تزل برحالنا وكأن قد) ، أي وكأن قد زالت قال الشيخ أبو عمرو وأما قراءة أبي بكر فلها وجهان أحدهما الوجوه المذكورة في قراءة ابن عامر وغيره فتكون أن مخففة من الثقيلة في قراءتهم والوجه الثاني أن تكون أن نافية ويكون كلا منصوبا بفعل مضمر تقديره وإن أرى كلا أو إن أعلم ونحوه ولما بمعنى إلا نحو-إن كل نفس لما عليها حافظ-ومن هاهنا كانت أقل إشكالا من قراءة ابن عامر لقبولها هذا الوجه الذي هو غير مستبعد ذلك الاستبعاد وإن كان في نصب الاسم الواقع بعد حرف المنفي استبعاد ولذلك اختلف في مثل قوله إلا رجلا جزاه الله خيرا هل هو منصوب بفعل مقدر ونون ضرورة فاختار الخليل إضمار الفعل واختار يونس التنوين للضرورة قلت فهذا ما يتعلق بتوجيه القرارات في تشديدان ولما في تخفيفها في هذه السورة وهو من المواضع المشكلة غاية الإشكال وقد اتضحت والحمد لله وإن كان قد طال الكلام فيها فلابد في المواضع المشكلة من التطويل زيادة في البيان ولو كان الشرح الكبير بلغ هذا الموضع لم يحتج إلى هذا التطويل في هذا المختصر والله الموفق ، والذي في يس (إن كل لما جميع لدينا محضرون) ، وفي الطارق (إن كل نفس لما عليها حافظ) ، إن في الموضعين للنفي لأن كل مرفوع بعدها فلم يحتج أن تجعلها المخففة من الثقيلة على قراءة من شدد لما ولما بمعنى إلا ومن خففها فهي لام الابتدا وما زائدة وإن هي المخففة من الثقيلة ولم تعمل والله أعلم
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع