رد: تاريخ الطب عند العرب
عبد السلام تنبكجي;
الطب في مصر
في الواقع إن الحديث عن الطب في مصر زمن الفراعنة طويل وممتع في آن خاصة بعد أن أعطي حقه من الدراسة المتأنية والبحث الدؤوب نتج عنهما المزيد من الحقائق والمستكشفات التي لم تكن معروفة من قبل
ولاريب أن ثمة عوامل أساسية صاغت هذا النجاح الباهر تتمثل في معرفة الباحثين للغة الهيروغليفية لغة المصريين القدماء نذكر منهم على سبيل المثال العالم الفرنسي شامبيليون وانكبابهم العفوي على ترجمة البرديات الطبية المكتوبة بها بعزيمة نادرة وصبر لامثيل له على وجه الأرض إضافة إلى وجود التمويل الضخم الذي ساعد على شراء هذه البرديات من أصحابها والإنفاق على الحملات الاستكشافية التي جاءت إلى مصر من جميع بلدان العالم بقصد التعرف على حضارة المصريين القدامى .الخ
أولى المصريون القدامى الطب والجراحة عناية كبيرة فنشأ الطب في وادي النيل على نزعة تجريبية اختبارية ولاحظ هيردوت المؤرخ والرحالة اليوناني المعروف أن صناعة الطب موزعة بين المصريين إلى حد أن كل طبيب يداوي من مرض واحد لا أكثر وأن البلاد مملوءة بالأطباء
من الواجب على الدارس للطب في مصر أن يفهم أمرين هما في غاية الأهمية الأمر الأول في أن هذا الطب كان فريداً من نوعه في ذلك الحين لايضاهيه طب آخر أما الأمر الثاني ففي أنه كان بعيداً كل البعد عن السحر اللهم إلا في حالة الأمراض الباطنية فكون هذه الأمراض غير بادية للعيان استوجب استعمال السحر لمعالجتها فمرض الزكام مثلاً كان يعالج بمثل هذه العبارات السحرية :اخرج أيها البرد يا ابن البرد يا من تهشم العظام وتتلف الجمجمة وتمرض مخارج الرأس السبعة إخرج على الأرض دفر دفر دفر
إن من مصادر معرفتنا عن حالة الطب في مصر هي الهياكل العظمية وأنباء المؤرخين فثمة مؤرخين زاروا مصر وكتبوا عنها ومن بينهم كان هيردوت الذي سبق وأن ذكرته والمومياءات فقد عثر المنقبون على أكثر من مومياء يعود تاريخها إلى ما بين سنتي 4000 و 6000 ق م والآثار والبرديات الطبية حيث أكدت روايات المؤرخين وجود برديات فرعونية في الطب تعد من أقدم الكتابات الطبية في العالم وروى ماتينون الكاهن بمعبد هليوبولس ( 280 ق م ) أن أثوبتس ( ابن مينا ) موحد الشطرين ألف كتباً طبية في التشريح وغيره وأن مكتبة منف كانت تزخر بالعديد من الكتب الطبية في عهد أمحوتب وتحدث كليمان السكندري ( القرن الثالث الميلادي ) عن موسوعة سرية في 42 جزءاً في العلوم قاطبة منها 6 في الطب كانت تحفظ في المعابد
من أهم البرديات التي نعرفها بردية إيبرز وتعتبر من أقدم أوراق البردي الطبية التي عثر عليها على الإطلاق حتى الآن حيث تعود إلى عام 3000 ق م في عهد الملك دن من الأسرة المالكة الأولى يبلغ طول هذه البردية 20 م وعرضها 30 سم اشتراها في البدء عام 1862 م أدوين سميث تاجر الأنتيكات الأمريكي ثم اشتراها جورج إيبرز عالم المصريات الذي سميت البردية باسمه وفي عام 1875 م نشر جورج إيبرز هذا ترجمة لبرديته لتصبح فيما بعد في متناول يد المهتمين والباحثين من كل مكان
حوت بردية إيبرز على 877 وصفة طبية لأنواع متعددة من الأمراض أو أعراضها ومن بينها الأمراض الباطنية ,أمراض العين ,الأمراض الجلدية ,أمراض الأطراف ,أمراض الرأس ,أمراض اللسان والأسنان والأنف والأذن ,أمراض المنزل والأمراض الجراحية وهناك بردية أخرى تعرف باسم بردية سميث قد ورد فيها ذكر ل 48 حالة مرضية تشمل أمراض الرأس والجمجمة والقفص الصدري والعمود الفقري كما وردت فيها تعاليم عن كيفية معالجة هذه الأمراض وتشخيصها