أقول لك شيئاً أخي
أنت لو كنت أخذت كلامي بتفهُّم, وحَمَلتَه على محملٍ حسنٍ, وتقبَّلته على أنه نقد علمي, ورجعت إلى المصادر وتأملت ما قلتُ جيداً (وأظنك تعرف المصادر جيداً), وكنت تعترف بالنقد العلمي المبني على أدلة وبراهين - مهما كان وزن الشخص المنتَقـَـد - : لَمَا تكلمت بهذا الكلام
أنا أقول لك أشياء باختصار شديد:
أولاً: أنت بنفسك في مقال سابق قلت بالحرف الواحد:
((ليست حجة ان نقول كل اخذ عن شيخه فلو كان الامر كذلك لوجدت قرآنا غير القرآن, ولكن المرجع
الوحيد هو من سبقونا واقوالهم))
وهذا رابط المقال لكي لا تقول أني أفتري عليك
http://www.mazameer.com/vb/t47849.html
تمام؟
ها أنت الآن تناقض كلامك هذا بنفسك من جهتين:
الأولى: أنك تدعو إلى الرجوع إلى ما كتبه المتقدمون وعدم الاعتداد بما أحدثه المتأخرون, وأنت خالفت هذا في كلامك السابق معي.
الثانية: أنت نفسك لا تطبق هذا الكلام الآن, أليس الأولون قد نصوا على ماذكرتُه أنا في مقالي السابق؟ أنا وشيوخي من أين أتينا بهذا الكلام؟ من الهواء؟
ثم ألم أقل أنا قريباً من هذه القاعدة؟
وها أنا أفصّل الكلام بأكثر دقة من أجل التوضيح للقارئ غير المتخصص في هذا المجال:
القاعدة (( إن المرجع [إلى جانب النقل الصوتي عن المشايخ] هو القواعد والضوابط التي وضعها لنا الأئمة المتقدمون بأسانيدهم المتصلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, لأن هذه الضوابط هي التي نستعين بها في ضبط الأداء المنقول )).
تمام؟
من الذي خالف الآن؟
ثانياً: أنا أسألك: هل كل من قرأ على شيخ هو معصوم من الخطأ في النقل عنه بسهو أو غيره؟
أليس الشيخ الحصري مثلاً (وها هي تسجيلاته موجودة ومنتشرة فارجعوا إليها لو أردتم التأكد) أليس أحياناً يفخم حروفاً حقها الترقيق مثلاً؟ فهل هذا أيضاً تلقاه عن الشيخ الضبَّاع؟ بل أليس هو نفسه قد ذكر الحروف المرققة والمفخمة في كتابه "أحكام قراءة القرآن الكريم" وذكر تلك الحروف التي فخمها ضمن الحروف المرققة؟ بل أليس قد رققها في ختمات أخرى؟ بل أليس شيخه الشيخ الضباع نبه على هذه الأمور في كتبه؟ هاهو الشيخ الحصري خالف المنقول (بكلامه وتطبيقه)
ووالله الذي لا إله إلا هو أنا لا أقول هذا الكلام عن سوء نية تجاه الشيخ الحصري أو تنقيصاً لقدره, والله أنا أكن له الاحترام والتقدير وأعترف بفضله في هذا الميدان, ولكن الحق فوق الكل.
ثم ـ لو كان الأمر بأوزان الرجال ـ أليست أسانيدنا نحن أيضاً تمر بالشيخ الضبَّاع؟ أنا تلقيت القراءة سماعاً من شيخ بينه وبين الضباع شيخ واحد, وقراءة على شيخ بينه وبين الضباع شيخ واحد أيضاً, لماذا لم ينقلوا لنا ذلك عن الضباع؟ وليست أسانيدي تمر بالشيخ الضباع فقط, بل أيضاً بالشيخ الزيات والشيخ عامر والشيخ الخليجي والشيخ السمنودي والشيخ عثمان مراد والشيخ أبي الحسن الكردي والشيخ محمد مكي نصر وغيرهم, وهم من الكبار في هذا المجال, لماذا لم نتلق هذا أنا وشيوخي؟
ثم أليست الشيخ الضباع يلتقي مع الشيخ الزيات وغيره في الشيخ المتولي ثم الشيخ العبيدي؟ لم لم ينقلوا ذلك عن المتولي أو العبيدي؟
ولو فرضنا جدلاً أن للشيخ الضباع في ذلك أسانيد لا تمر بالمتولي ولا العبيدي: أليست أسانيد هؤلاء الشيوخ بلا استثناء تنتهي إلى شيخ الكل ابن الجزري؟ هل كلهم فاتهم ذلك ولم يذكرها ويتقنها إلا الشيخ الضباع أو الشيخ الحصري؟
ثالثاً: لماذا نذهب بعيداً؟ تقول إنك قرأت على 10 شيوخ؟
هل كلهم أقرؤوك هكذا باتفاق؟
أنا أقول لك الجواب لا, وأنت خطئني لو كان ظني ليس في محله.
بل أزيدك شيئاً آخر: ائتنا بأحد المشايخ الأحياء الذين أخذو عن الضباع وقل له اقرأ, واسأله عن هذه الأمور كيف أقرأها إياها الشيخ الضباع, وانظر بم يجيبك.
رابعاً: مثلاً ما الفرق بين زمن الضاد في كلمة ( يضحكون ) وبين زمن الضاد في (فضلُ الله)؟ لافرق أليس كذلك؟
انظر الشيخ الحصري كيف يفرق بينهما في الزمن فيعطي الأولى حقها من الزمن ولا يعطي الثانية, لماذا لم يسوِّ بينها مع أنه لم يفرق بينهما في مواضع أخر بل وفي كلامه في كتبه.
وعلى هذا فقس.
بل
لِمَ اختلف أداؤه فيها وفي أمثالها من الأمور من ختمة لأخرى؟ نجده مثلاً يرقق الحرف الفلاني في ختمة ويفخمه في أخرى!
يا أخي الناس ليسو معصومين, ولا يقدم الرجال على الحق, كما قال من سبق: ((الحق لا يُعرَف بالرجال, وإنما الرجال تُعرف بالحق)), القواعد موجودة وثابتة ومعروفة, لم لا نحتكم إليها إلى جانب النقل الصوتي ونضبطه بها؟
هناك أشخاص نراهم الآن يأتي الواحد منهم بخطأ ويخالف قواعد التجويد, ثم لو سألته يجعل القراءة على المشايخ هي الدرع الذي يتقي به ويعتذر به لنفسه! نقول له: شيوخه من اين أتوا به؟ لو قال بالسند نقول له هات السند, وحينئذ ليس عنده مهرب يهرب بقوله إليه, سنلقتي معه في سنده عاجلاً أم آجلاً, إن مش في العبيدي ففي الجزري وإن مش في الجزري ففي صاحب الرواية حتى, وحينها يجب أن يكون الحق مع واحد منا لا غير, ويستحيل أن يكون هو الصواب وباقي أئمة الأمة الذين قعدوا لنا علم التجويد هم الخطأ, فيظهر خطؤه حينئذ.
هل ترضى أنت نفسك بأن يفعل هذا أحد؟ أنت نفسك أنكرت هذا الأمر في كلامك السابق.
أنت أخي تهجمت عليّ جزافاً, وضحكت على كلامي واستخففت به, أين النقد العلمي الهادئ الهادف؟ أم نحن نربي طلابنا على آداب ونفعل غيرها!