رد: هل قلد أحد الصحابة تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
[FONT="]ومع هذا فإن الناظر في أخبار التحلي بهذه النعمة, التي أنعم الله بها على من شاء من عباده ((حُسْن الصوت بالقراءة)) لا يرى حرفاً واحداً في تسنن الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم بمحاكاة حَسَن الصوت في صوته بالقرآن, ولو كان ذلك واقعاً لنُقل, ولو كان لصار أَوْلَى من يُحاكى في صوته, هو أفضل من قرأ القرآن, نبينا ورسولنا محمد :

:[/FONT][FONT="][/FONT][FONT="] . ولتواطأ على ذلك قراء الأمة, من الصحابة فمن بعدهم, وتوارثوه كافة عن كافة. وهذا العبد القانت الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما, مع شدة تتبعه, وقوفه الأثر, وآثار رسول الله [/FONT][FONT="]:

:[/FONT][FONT="] لا يحاكيه في قراءته, أو في شيء من أموره الجبلِّية :

:[/FONT][FONT="][/FONT][FONT="] وهؤلاء القراء من الصحابة رضي الله عنهم وهم كُثر لا نرى عنهم حرفاً واحداً في ذلك. وعن معاوية بن قرة, عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنهم قال: ((قرأ النبي [/FONT][FONT="]:

:[/FONT][FONT="] يوم فتح مكة, سورة الفتح, فَرَجَّع فيها)). قال معاوية: لو شئت أن أحكي لكم قراءة النبي [/FONT][FONT="]:

:[/FONT][FONT="] لفعلت. أخرجه البخاري في ((التفسير)) من ((صحيحه)) برقم / 4835, وفي مواضع أخر منه, في ((المغازي برقم / 4281)) وفي ((فضائل القرآن برقم / 5047)) وفي ((التوحيد برقم / 7540)) الحديث أخرجه جماعة منهم: مسلم, وأبو داود, والحاكم في ((الإِكليل)), وابن الجعد, وأبو عبيدة في ((فضائل القرآن)) والترمذي في ((الشمائل)) والإِسماعيلي في ((مستخرجه)).
وفي رواية الترمذي: ((وقال معاوية بن قرة: لولا أن يجتمع الناس علي لأخذت لكم في ذلك الصوت, أو قال: ((اللَّحن)) انتهى. و((اللحن)) هو: الترجيع. ويدل على أن المراد الترجيع, وروده مصرحاً به في رواية البخاري في ((المغازي)) من صحيحه بلفظ: (لولا أن يجتمع الناس حولي لرجَّعت كما يرجَّع) فالمحاكاة في ((خصوص الترجيع)), فهذا يعني ((الأداء)), وفرق بين حكاية الصوت فهذا لم يقع, وبين حكاية ((الأداء والقراءة)) وهذا أمر مطلوب بأن يقرأ العبد القرآن مؤدياً له على وفق قواعد القراءة, وضوابطها الشرعية, ومن غير إخلال بغلو أو تفريط ولهذا قال النبي [/FONT][FONT="]:

:[/FONT][FONT="] : ((من أراد أن يقرأ القرآن رطباً)) الحديث. ويدل أيضا على أن المراد ((خصوص الترجيع)) أن النبي [/FONT][FONT="]:

:[/FONT][FONT="] نزلت عليه هذه الآيات, وهو على راحلته في ((غزوة الفتح)) وكان ترجيعه [/FONT][FONT="]:

:[/FONT][FONT="] آآآ, ثلاث مرات . [/FONT]
[FONT="]قال الحافظ ابن حجر: قال القرطبي: ((يحتمل أن يكون حكاية صوته عند هز الراحلة كما يعتري رافع صوته إذا كان ركباً, من انضغاط صوته, وتقطيعه لأجل هز المركوب, وبالله التوفيق)). انتهى. أي: فهذه واقعة عين لا عموم لها . [/FONT]
[FONT="]على أن معاوية بن قرة رضي الله عنه أراد أن يفعل لكنه لم يفعل, خشية أن يجتمع عليه الناس للاستماع. وهذا واضح الدلالة على أن محاكاة الصحابة للنبي [/FONT][FONT="]:

:[/FONT][FONT="] في صوته غير معهودة بين الصحابة رضي الله عنهم إذ لو كانت معهودة لما خشي ذلك, وهو رضي الله عنه لم يفعل, فبقي الأمر على عدم التقليد, وأنه لم يكن من هدي الصحابة رضي الله عنهم. وفيمن بعدهم تتبعت كتب السير, والتراجم, ما أمكن فلم أر تقليد الصوت لدى القراء, عملاً موروثاً, يستعذب القارئ صوت قارئ آخر, فيقلده وهو واقف بين يدي ربه في المحراب ليحرك النفوس بصوت غيره, ويتلذذ السامعون بحسن أدائه فيه . [/FONT]
______________
المصدر في المرفقات