إعلانات المنتدى


الأدب مع الضيفان

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

أحمد نجاح محمد

مراقب سابق
24 مايو 2011
2,247
301
83
الجنس
ذكر
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، وبعد : فالحديث عن الأدب مع الضيفان ، حديث عن مكارم الأخلاق ، وهي التي بُعث النبي محمد e ليتممها ؛ فقد

كان قري الضيف معروفًا عند العرب ، يتنافس فيه كرامهم ، ويعد من مناقبهم ؛ بل كان عند كرامهم بيت

ضيافة ينزل فيه من يمر بهم .


فلما جاء الإسلام أقر هذا الخلق الكريم ، وزاده شدة وتوثيقًا ، وبيَّن ما يجب فيه وما يندب ؛ روى الإمام أحمد عَنِ السَّائِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : جِيءَ بِي إِلَى النَّبِيِّ e يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ ، جَاءَ بِي عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَزُهَيْرٌ ، فَجَعَلُوا يَثْنُونَ عَلَيْهِ [ أي يمدحونه ] ؛ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ e : " لَا تُعْلِمُونِي بِهِ ، قَدْ كَانَ صَاحِبِي فِي

الْجَاهِلِيَّةِ " قَالَ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَنِعْمَ الصَّاحِبُ كُنْتَ ؛ فَقَالَ : " يَا سَائِبُ ، انْظُرْ أَخْلَاقَكَ الَّتِي كُنْتَ

تَصْنَعُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاجْعَلْهَا فِي الْإِسْلَامِ : أَقْرِ الضَّيْفَ ، وَأَكْرِمْ الْيَتِيمَ ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ " (1) ؛ وعن

أنس t قال : إن زكاة الرجل في داره أن يجعل فيها بيتًا للضيافة(2).

فَالضِّيَافَةُ مِنْ آدَابِ الْإِسْلَامِ ، وَهي مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ ، وخلق الصالحين ، وَأَوَّلُ مَنْ ضَيَّفَ الضَّيْفَ إبْرَاهِيمُ e ، ولذا كان يكنى أبا الضيفان؛ قَالَ اللَّهُ U : ] هَلْ أَتَاك حَدِيثُ ضَيْفِ إبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ [ [ الذاريات : 24 ] ، فَوَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ أُكْرِمُوا ؛ فقد يكون المراد إكرام الله تعالى لهم ، وقد يكون بما أكرمهم إبراهيم e لأنهم أضياف ، وبكلٍ قال بعض أهل التفسير ، وقد يكون المراد المعنيين جميعًا .
وقد جعل النبي e إكرام الضيف من دلائل الإيمان ، فقال e : " وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ

ضَيْفَهُ " متفق عليه (3) ؛ مما يدل على مكانة الضيافة في الإسلام .


ولما كان لهذه العلاقة أحكام وآداب ، كان لزامًا على المؤمن أن يتعلمها ، حتى يقوم بها مع أضيافه ، لذلك كانت هذه الرسالة : ( الأدب مع الضيفان ) ؛ وقد ضمنتها معنى الضيف ، وحكم الضيافة ، ومدة الضيافة ، والأدب مع الضيف ، وآداب تتعلق بالضيف ، ومن قصص الضيافة .

هذا والله الكريم أسأل أن يتقبلها مني وأن يجعل لها القبول في الأرض ، لا ربَّ غيره ، ولا أرجو إلا خيره ، عليه توكلت وإليه أنيب ؛ وصلى الله وسلم وبارك على النبي محمد وعلى آله .


1- أحمد : 3 / 425 ، قال الهيثمي في ( مجمع الزوائد : 8 / 190 ) : رواه أحمد ، ورجاله رجال الصحيح .

2 -رواه البيهقي في شعب الإيمان ( 9627 ) .

3 - البخاري ( 6018 ) ومسلم ( 47 ) ، وغيرهما عن أبي هريرة t .

كاتب الموضوع الأستاذ / محمد محمود إبراهيم عطية .
 

ما عدت أنا

مزمار ذهبي
11 سبتمبر 2011
1,001
16
0
الجنس
أنثى
رد: الأدب مع الضيفان

, ,

بارك الله فيك أخوي أحمد وجزاك خيراً .. ورضى عنك وأرضاك ..
 

واثق الخطوهـ

مزمار ألماسي
7 سبتمبر 2010
1,650
45
48
الجنس
ذكر
رد: الأدب مع الضيفان

حق الضيف من أهم مقومات أخلاق العرب في الجاهلية والإسلام وإلى وقتنا الحاضر
بوركت على النقل .. وبانتظار بقية البحث الرائع
س / الذي أعلمه أن جمع كلمة ضيف هو ضيوف ؟ هل "الضيفان" زلة لسان أم أنها جمع كذلك ؟!
 

أحمد نجاح محمد

مراقب سابق
24 مايو 2011
2,247
301
83
الجنس
ذكر
رد: الأدب مع الضيفان

, ,

بارك الله فيك أخوي أحمد وجزاك خيراً .. ورضى عنك وأرضاك ..

ورضى عنك أختي الكريمة ، ورفع قدرك في الدارين .
 

أحمد نجاح محمد

مراقب سابق
24 مايو 2011
2,247
301
83
الجنس
ذكر
رد: الأدب مع الضيفان

حق الضيف من أهم مقومات أخلاق العرب في الجاهلية والإسلام وإلى وقتنا الحاضر
بوركت على النقل .. وبانتظار بقية البحث الرائع
س / الذي أعلمه أن جمع كلمة ضيف هو ضيوف ؟ هل "الضيفان" زلة لسان أم أنها جمع كذلك ؟!

جزيت خيرا على الإضافة المباركة أخي المبارك ، وتجد الإجابة في المشاركة التالية .
دمت بود .
 

أحمد نجاح محمد

مراقب سابق
24 مايو 2011
2,247
301
83
الجنس
ذكر
رد: الأدب مع الضيفان

معنى الضيف
الضيف في الأصل مصدر ضاف يضيف ، إذا أتى إنسانًا لطلب القِرى ، ثم سُمي به ؛ ولذلك يطلق على الواحد والجمع والذكر والأنثى ، كالزور والسُّفْر ، وقد يجمع فيقال : أضياف وضيوف وضيفان ؛ ويقال : استضفت فلانًا فأضافني ، وقد ضفته ضيفًا ، إذا نزلت به في ضيافته ؛ وأضفته إذا أنزلته ، وتضيفته إذا نزلت به ، وتضيفني إذا أنزلني .
وأصل الضيف الميل ، يقال ضفت إلى كذا وأضفت كذا إلى كذا ، وضافت الشمس للغروب وتضيفت ؛ والضيف من مال إليك نازلًا بك ، فسمي الضيف ضيفًا لإضافته إليك ونزوله عليك ؛ فهو النازل في منزل أحد نزولاً غير دائم ، لأجل مرور في سفر أو إجابة دعوة ؛ وصارت الضيافة متعارفة في القِرَى (1) .
والقِرَى : ما يقدم للضيف .

1- انظر لسان العرب باب الفاء فصل الضاد ، ومفردات غريب القرآن للراغب ( مادة ض ي ف ) ، وتفسير القرطبي : 10 / 35 ، وفتح الباري : 10 / 532 .
 

اخوكم المسافر

مشرف سابق
22 ديسمبر 2012
777
22
0
الجنس
ذكر
رد: الأدب مع الضيفان

سبحان الله
بارك الله فيكم اخي الفاضل ونفع بكم امة الاسلام والمسلمين
 

أحمد نجاح محمد

مراقب سابق
24 مايو 2011
2,247
301
83
الجنس
ذكر

أحمد نجاح محمد

مراقب سابق
24 مايو 2011
2,247
301
83
الجنس
ذكر
رد: الأدب مع الضيفان

حكم الضيافة
أجمع العلماء على مدح مُكْرِمِ الضيف والثناء عليه بذلك وحمده ، وأن الضيافة من سنن المرسلين ؛
واختلفوا في وجوب الضيافة ؛ فكان الليث بن سعد يوجبها لَيْلَةً وَاحِدَة؛لحديث الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبٍ

t أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ e يَقُولُ : " لَيْلَةُ الضَّيْفِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ، فَإِنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ مَحْرُومًا كَانَ دَيْنًا لَهُ

عَلَيْهِ ، إِنْ شَاءَ اقْتَضَاهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ " ، وفي رواية : " فَإِنَّ نَصْرَهُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ، حَتَّى يَأْخُذَ بِقِرَى لَيْلَةٍ

مِنْزَرْعِهِوَمَالِهِ " (1) ، وقوله : " فَإِنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ مَحْرُومًا " أي : أصبح الضيف ولم يقدم له حق الضيافة ؛ وَفي الصحيحين عن عُقْبَة رضي الله عنه قُلْنَا لِلنَّبِيِّ e إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ لَا يَقْرُونَا ، فَمَا تَرَى فِيهِ ؟ فَقَالَ لَنَا : " إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأُمِرَ لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ ، فَاقْبَلُوا ؛ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ (2)؛ فظاهر الحديث وجوب قري الضيف، وأن المنْزول عليه لو امتنع من الضيافة أخذت منه كرهًا .
وَذهب الإمام أَحْمَدُ إلى أن الضيافةَ وَاجِبَةٌ يَوْمًا وَلَيْلَةً عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَأَهْلِ الْقُرَى دُونَ أَهْلِ الْمُدُنِ ؛ وإِنَّمَا كان ذَلِك عَلَى أَهْل الْبَوَادِي لِأَنَّ الْمُسَاف يَجِد فِي الْحَضَر الْمَنَازِل فِي الْفَنَادِق وَمَوَاضِع النُّزُول ، وَمَا يَشْتَرِي مِنْ الْمَأْكَل فِي الْأَسْوَاق .
وقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْجُمْهُورُ : هِيَ سُنَّةٌ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ ؛ وَحُجَّتهمْ قَوْله e : " فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَته " وَالْجَائِزَة الْعَطِيَّة وَالْمِنْحَة وَالصِّلَة وَذَلِكَ لَا يَكُون إِلَّا مَعَ الِاخْتِيَار ؛ وَقَوْله e : " فَلْيُكْرِمْ " يَدُلُّ عَلَى هَذَا - أَيْضًا - إِذْ لَيْسَ يُسْتَعْمَل مِثْله فِي الْوَاجِب ؛ وَتَأَوَّلُوا الْأَحَادِيثَ الواردة عَلَى

الِاسْتِحْبَابِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ، وَتَأَكُّدِ حَقِّ الضَّيْفِ كَحَدِيثِ : " غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ " أَيْ :

مُتَأَكِّدُ الِاسْتِحْبَابِ ، وَتَأَوَّلَهَا الْخَطَّابِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَغَيْرُهُ عَلَى الْمُضْطَرِّ .ا.هـ (3) ؛ أي : قَدْ تَتَعَيَّن الضِّيَافَة

لِمَنْ اِجْتَازَ مُحْتَاجًا وَخِيفَ عَلَيْهِ ؛ قال ابن العربي في ( أحكام القرآن ) : وَلَا شَكَّ أَنَّ الضَّيْفَ كَرِيمٌ ، وَالضِّيَافَةَ

كَرَامَةٌ ، فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا فَهِيَ فَرِيضَةٌ .ا.هـ .
وقال ابن حجر -
rhm.png
: ثُمَّ الْأَمْر بِالْإِكْرَامِ يَخْتَلِف بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاص وَالْأَحْوَال ، فَقَدْ يَكُون فَرْض عَيْن ، وَقَدْ يَكُون فَرْض كِفَايَة ، وَقَدْ يَكُون مُسْتَحَبًّا ، وَيَجْمَع الْجَمِيعُ أَنَّهُ مِنْ مَكَارِم الْأَخْلَاق (4) .
قال الشوكاني في ( نيل الأوطار ) : وَالْحَقُّ وُجُوبُ الضِّيَافَةِ لِأُمُورٍ :
الْأَوَّلُ : إبَاحَةُ الْعُقُوبَةِ بِأَخْذِ الْمَالِ لِمَنْ تَرَكَ ذَلِكَ ، وَهَذَا لَا يَكُونُ فِي غَيْرِ وَاجِبٍ .
وَالثَّانِي : التَّأْكِيدُ الْبَالِغُ بِجْعَلِ ذَلِكَ فَرْعَ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَيُفِيدُ أَنَّ فِعْلَ خِلَافِهِ فِعْلُ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ؛ وَمَعْلُومٌ أَنَّ فُرُوعَ الْإِيمَانِ مَأْمُورٌ بِهَا ، ثُمَّ تَعْلِيقُ ذَلِكَ بِالْإِكْرَامِ وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الضِّيَافَةِ ، فَهُوَ دَالٌّ عَلَى لُزُومِهَا بِالْأَوْلَى .
وَالثَّالِثُ : قَوْلُهُ : " فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ " فَإِنَّهُ صَرِيحٌ أَنَّ مَا قَبْلَ ذَلِكَ غَيْرُ صَدَقَةٍ ، بَلْ وَاجِبٌ شَرْعًا .
وَالرَّابِعُ : قَوْلُهُ e : " لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ وَاجِبٌ " فَهَذَا تَصْرِيحٌ بِالْوُجُوبِ لَمْ يَأْتِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَأْوِيلِهِ .
وَالْخَامِسُ : قَوْلُهُ e فِي حَدِيثِ الْمِقْدَامِ : " فَإِنَّ نَصْرَهُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ " فَإِنَّ ظَاهِرَ هَذَا وُجُوبُ النُّصْرَةِ، وَذَلِكَ فَرْعُ وُجُوبِ الضِّيَافَةِ (5) .ا.هـ .
قلت : والذي تؤيده ظواهر الأدلة ما رجحه الشوكاني -
rhm.png
، والمراد بقوله : " فَإِنَّ نَصْرَهُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ " أي : يجب على كل مسلم - علم بذلك - أن ينصر الضيف بأن يسعى في الإتيان بحق ليلة الضيف ممن لم يقم بحق الضيافة ؛ والعلم عند الله تعالى .


1- أحمد : 4 / 130 ، وأبو داود ( 3750 ) ، وابن ماجة ( 3677 ) .
2- البخاري ( 2461 ، 6137 ) ، ومسلم ( 1727 ) .
3- انظر ( الاستذكار ) : 8 : 366 ، 367وشرح مسلم للنووي : 2 / 18 ، 12 / 30 ، 31
4- انظر فتح الباري : 10 / 446 .
5- انظر نيل الأوطار : 9 / 38 ( دار الجيل – بيروت ) ، باختصار .

 
التعديل الأخير:

أحمد نجاح محمد

مراقب سابق
24 مايو 2011
2,247
301
83
الجنس
ذكر
رد: الأدب مع الضيفان

فائدة :
قال ابن رجب -
rhm.png
: وأما في ما هو واجب - وهو اليوم والليلة - فينبني على أنَّه هل تجب الضيافة على من لا يجد شيئًا ، أم لا تجب إلا على من وجد ما يضيف به ؟ فإنْ قيل : إنَّها لا تجب إلا على من يجد ما يضيف به - وهو قولُ طائفةٍ من أهلِ الحديث ، منهم : حُميدُ بنُ زنجويه - لم يحل للضيف أنْ يستضيف من هُوَ عاجز عن ضيافته ؛ وقد رُوِيَ من حديث سلمان قال : نهانا رسولُ اللهِ e أنْ نتكلَّفَ للضيفِ ما ليسَ عندنا ؛ فإذا

نهي المضيف أنْ يتكلَّفَ للضيف ما ليس عنده دلَّ على أنَّه لا تَجِبُ عليه المواساةُ للضيف إلا مما عنده ، فإذا لم

يكن عنده فَضلٌ لم يلزمه شيءٌ ، وأما إذا آثَرَ على نفسه ، كما فعل الأنصاريُّ الذي نزل فيه : ] وَيُؤْثِرُونَ عَلَى

أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [ فذلك مقامُ فضلٍ ؛ ولو علم الضيف أنَّهم لا يُضيفونه إلا بقوتِهم وقوت

صبيانهم ، وأنَّ الصبية يتأذَّوْنَ بذلك ، لم يجز له استضافتُهم حينئذ عملاً بقوله e : " ولا يَحِلُّ له أنْ يُقيمَ عندَه

حتَّى يُحرجه " ؛ وأيضًا فالضيافة نفقة واجبة ، فلا تجب إلا على مَنْ عنده فضلٌ عن قوته وقوتِ عياله ، كنفقة

الأقارب ، وزكاةِ الفطر (1) .ا.هـ .

1- انظر جامع العلوم والحكم ، حديث رقم ( 15 ) .


 

اخوكم المسافر

مشرف سابق
22 ديسمبر 2012
777
22
0
الجنس
ذكر
رد: الأدب مع الضيفان

ما شاء الله ما قصرت اخي على المتابعه رفع الله قدرك ونسأل الله ان يكرمنا جميعاً وان نحسن لضيوفنا فما نحن الا ضيوف في الدنيا والحمد لله على نعمه , اكرام الضيف واجب , واحترامه واجب , حتى لو اساء اليك , فتقبل الله منا صالح اعمالنا وبوركت يمنك على هذا الدرر في التوضيح والشروح احسنت احسن الله اليك واثابك
 

أحمد نجاح محمد

مراقب سابق
24 مايو 2011
2,247
301
83
الجنس
ذكر
رد: الأدب مع الضيفان

ما شاء الله ما قصرت اخي على المتابعه رفع الله قدرك ونسأل الله ان يكرمنا جميعاً وان نحسن لضيوفنا فما نحن الا ضيوف في الدنيا والحمد لله على نعمه , اكرام الضيف واجب , واحترامه واجب , حتى لو اساء اليك , فتقبل الله منا صالح اعمالنا وبوركت يمنك على هذا الدرر في التوضيح والشروح احسنت احسن الله اليك واثابك

جزيت أخيرا أخي الكريم على هذه الكلمات الطيبات المباركات ، رفع الله قدرك في الدارين . . .اللهم آمين .
 

أحمد نجاح محمد

مراقب سابق
24 مايو 2011
2,247
301
83
الجنس
ذكر
رد: الأدب مع الضيفان

مدة الضيافة

في الصحيحين عن أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ t قَالَ : سَمِعَتْ أُذُنَايَ وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ

e فَقَالَ : " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُ

كْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ " قَالَ : وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ، وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ

، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ ؛ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ " (1 ) ؛

وروى أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : " الضِّيَافَةُ ثَلَاثٌ فَمَا زَادَ عَلَى

ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ " (2) ؛ وروى أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنِ النَّبِيِّ e قَالَ : " حَقُّ الضِّيَافَةِ

ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ ، فَمَا أَصَابَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ " (3) .

فقوله e : " فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ" أي : بالبشر في وجهه ، وطيب الحديث معه ، وإحضار المتيسر ،

وَتَعْجِيلِ قِرَاهُ ، وَالْقِيَامِ بِنَفْسِهِ فِي خِدْمَته ؛ وغير ذلك مما سيأتي بيانه إن شاء الله ؛ وقوله : "

جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَة " أَيْ : يُكْرَم جَائِزَته يَوْمًا وَلَيْلَة ،
وَالضِّيَافَة ثَلَاثَة أَيَّام ، فِمَا بَعْد ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَة " قَالَ ابن الأثير فِي ( النِّهَايَة ) : أَيْ : يُضَاف ثَلَاثَة أَيَّام ، فَيَتَكَلَّف لَهُ فِي الْيَوْم الْأَوَّل مَا اِتَّسَعَ لَهُ مِنْ بِرٍّ وَإِلْطَاف ، وَيُقَدِّم لَهُ فِي الْيَوْم الثَّانِي وَالثَّالِث مَا حَضَرَ ، وَلَا يَزِيد عَلَى عَادَته ؛ ثُمَّ يُعْطِيه مَا يَجُوز بِهِ مَسَافَة يَوْم وَلَيْلَة ، وَتُسَمَّى الْجِيزَة ، وَهُوَ قَدْر مَا يَجُوز بِهِ الْمُسَافِر مِنْ مَنْهَل إِلَى مَنْهَل ؛ فما كان بعد ذلك صَدَقةٌ ومعروف , إن شاء فَعَل وإن شاء ترَك (4) ؛وروى ابن أبي شيبة والطبراني عَنْ نَافِعٍ قَالَ : نَزَلَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى قَوْمٍ فَلَمَّا مَضَتْ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ , قَالَ : يَا نَافِعُ , أَنْفِقْ عَلَيْنَا مِنْ مَالِنَا ، فَلا حَاجَةَ لَنَا أَنْ يُتَصَدَّقَ عَلَيْنَا (5).


1- رواه أحمد : 4 / 31 ، والبخاري ( 6019 ) ، ومسلم ( 48 ) ، والترمذي ( 1967 ) .

2- أحمد : 3 / 37 ، وتمام في فوائده ( 165 ) عن عبد الرزاق ، وهو في مصنفه ( 20528 ) بلفظ : " حق الضيافة " .

3- أخرجه أحمد : 2 / 510 ، 534 ، والبُخاري في ( الأدب المفرد ) رقم 742 ، وأبو داود ( 3749 ) .

4- انظر النهاية في غريب الحديث والأثر ( مادة : ج و ز ) ، ونق نحوه ابن حجر في ( فتح الباري : 10 / 533 ) عن أبي عبيد .

5- ابن أبي شيبة ( 33477 ) ، والطبراني في الكبير : 12 / 268 ( 13075 ) ، وأبو نعيم في الحلية : 1 / 165 ؛ وذكره ابن رجب في ( جامع العلوم ) عند شرح الحديث الخامس عشر بنحوه
 

أحمد نجاح محمد

مراقب سابق
24 مايو 2011
2,247
301
83
الجنس
ذكر
رد: الأدب مع الضيفان

أدبٌ للضيف
وكما أن للمضيف آدابًا تتعلق به ، فللضيف أدب يتعلق به ، ولابد أن يتحلى به ، إذ هو واجبٌ عليه ، وهو في قوله e : " وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ " الثواء : الإقامة بالمكان ؛ وأصل الحرج الضيق ، وإنما كره له المقام عنده بعد الثلاثة لئلا يضيق صدره بمقامه ، فتكون الصدقة منه على وجه المنِّ والأذى ، فيبطل أجره ، قال الله تعالى : ] لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى [ [ البقرة : 264 ] ؛ وفِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ : " حَتَّى يُؤَثِّمهُ " أَيْ : يُوقِعهُ فِي الْإِثْم ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَغْتَابهُ لِطُولِ مَقَامه ، أَوْ يَعْرِض لَهُ بِمَا يُؤْذِيه ، أَوْ يَظُنّ بِهِ ظَنًّا سَيِّئًا ؛ وَهَذَا كُلّه مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا لَمْ تَكُنْ الْإِقَامَة بِاخْتِيَارِ صَاحِب الْمَنْزِل بِأَنْ يَطْلُب مِنْهُ الزِّيَادَة فِي الْإِقَامَة ، أَوْ يَغْلِب عَلَى ظَنّه أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ ، وَهُوَ مُسْتَفَاد مِنْ قَوْله : " حَتَّى يُحْرِجهُ " لِأَنَّ مَفْهُومه إِذَا اِرْتَفَعَ الْحَرَج أَنَّ ذَلِكَ يَجُوز ؛ وفِي رِوَايَة عِنْدَ أَحْمَد ومسلم عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ : قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَكَيْفَ يُؤْثِمُهُ ؟ قَالَ : " يُقِيمُ عِنْدَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ يَقْرِيهِ بِهِ " (1 ) .
وهذا أدب عظيم يجب على الضيف أن يتأدب به مع من نزل عنده ، حتى لا يحرجه أو يوقعه في الإثم .


[1]- انظر شرح مسلم للنووي : 12 / 31 ، وفتح الباري : 10 / 533 ، 534
 

أحمد نجاح محمد

مراقب سابق
24 مايو 2011
2,247
301
83
الجنس
ذكر
رد: الأدب مع الضيفان

الأدب مع الضيفان

روى أحمد عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ t عَنْ النَّبِيِّ e أَنَّهُ قَالَ : " لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يُضِيفُ " ( [1]) ،


أي : فيمن لا يستقبل ضيوفًا ، ويقوم على ضيافتهم ؛ وفي ذلك بيان لفضل الضيافة ، وذم من لا


يكرم ضيفه .



وفي الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ t أنَّ رَسُولُ اللَّهِ e قَالَ : " .. وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ

وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ "( [2]) ؛ قِيلَ : إِكْرَامُ الضَّيْفِ بِحُسْنِ الْبِشْرِ ، وَطَلَاقَةِ الْوَجْهِ ،

وَطِيبِ الْكَلَامِ ، وَإِظْهَارِ السُّرُورِ ، وَالْكَوْنِ عِنْدَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ ، وَرُؤْيَةِ فَضْلِهِ ، وَاعْتِقَادِ الْمِنَّةِ لَهُ

حَيْثُ أَكْرَمَهُ بِدُخُولِ مَنْزِلِهِ ، وَتَنَاوُلِ طَعَامِهِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ :


مَنْ دَعَانَا فَأَبَيْنَا ... فَلَهُ الْفَضْلُ عَلَيْنَا


فَإِذَا نَحْنُ أَتَيْنَا ... رَجَعَ الْفَضْلُ إلَيْنَا

وَالْإِطْعَامِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ؛ فِي الْأَوَّلِ بِمَقْدُورِهِ وَمَيْسُورِهِ ، وَالْبَاقِي بِمَا حَضَرَهُ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ ، وَلِئَلَّا يَثْقُلَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَفْسِهِ ، وَبَعْدَ الثَّلَاثَةِ يُعَدُّ مِنْ الصَّدَقَاتِ إِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِلَّا فَلَا .


[1]- رواه أحمد : 4 / 155 ، والبيهقي في ( الشعب ) رقم ( 9588 ) ، وصححه الألباني في الصحيحة ( 2434 ) .

[2]- البخاري ( 6018 ) ، ومسلم ( 47 ) .
 

أحمد نجاح محمد

مراقب سابق
24 مايو 2011
2,247
301
83
الجنس
ذكر
رد: الأدب مع الضيفان

حفظ الضيف من أن يؤذيه أحد
هذا من الأدب الذي قرره القرآن ، ذلك لأن إيذاء الضيف إيذاء لمضيفه ، فالضيافة كالجوار ، والضيف كالمستجير ، وقد قال الله تعالى على لسان لوط e : ] فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ [ [ هود : 78 ] ؛ أي : ولا تهينوني ولا تفضحوني ، من الخزي ؛ أو : ولا تخجلوني ، من الخزاية وهي الحياء ] فِي ضَيْفِي[ أي : في حق ضيوفي ، فإنه إذا خزي ضيف الرجل أو جاره فقد خزي الرجل ، وذلك من عراقة الكرم وأصالة المروءة ؛ ولذا قَالَ : ] إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيفِي فَلا تَفْضَحُونِ [ [ الحجر : 68 ] ؛ أي : لا تجعلوني مفضوحًا مخزيًا عند ضيفي ، إذ يلحقهم أذى في ضيافتي ، لأنَّ الضيافة جوار عند ربِّ المنزل ، فإذا لحقت الضيف إهانة كانت عارًا على ربِّ المنزل
 

أحمد نجاح محمد

مراقب سابق
24 مايو 2011
2,247
301
83
الجنس
ذكر
رد: الأدب مع الضيفان

عدم التكلف

لم يجعل الإسلام فيما أمر به أهله مشقة أو حرجًا للقيام به ، ومن ذلك أنه لا يجب على المضيف التكلف لضيفه بما لا يملك ، بل إن كرامة الضيف تعجيل التقديم ، وكرامة صاحب المنزل المبادرة بالقبول ، وإنما مكارم الأخلاق قد تدفع البعض للتكلف للضيف ، فلا ينبغي أن يكون ذلك خارجًا عن نطاق الوسع والطاقة ؛ وإنما نهى النبي e عن التكلف للضيف حتى يتمكن كل

مسلم من القيام بحق الضيف بقدر طاقته ، ولا يتأذى أحد بنزول ضيف به ؛ وهذا من الأدب

العظيم الذي يؤدبنا به النبي e ؛ روى أحمد والطبراني أَنَّ سَلْمَانَ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَدَعَا لَهُ بِمَا

كَانَ عِنْدَهُ ، وَقَالَ : لَوْلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e نَهَانَا - أَوْ : لَوْلَا أَنَّا نُهِينَا - أَنْ يَتَكَلَّفَ أَحَدُنَا لِصَاحِبِهِ ،

لَتَكَلَّفْنَا لَكَ ؛ وفي رواية للطبراني : نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ e أَنَّ نَتَكَلَّفَ لِلضَّيْفِ ( [1]) ؛ وروى

الطبراني والحاكم وصححه عَنْ شَقِيقِ بن سَلَمَةَ قَالَ : ذَهَبْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي إِلَى سَلْمَانَ

الْفَارِسِيِّ ، فَقَالَ سَلْمَانُ : لَوْلا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e نَهَانَا عَنِ التَّكَلُّفِ لَتَكَلَّفْتُ لَكَ ؛ ثُمَّ جَاءَ بِخُبْزٍ

وَمِلْحٍ ، فَقَالَ صَاحِبِي : لَوْ كَانَ فِي مِلْحِنَا صَعْتَرٌ ! فَبَعَثَ سَلْمَانُ بِمَطْهَرَتِهِ فَرَهَنَهَا ، ثُمَّ جَاءَ

بِصَعْتَرٍ ، فَلَمَّا أَكَلْنَاهُ ، قَالَ صَاحِبِي : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَنَّعَنَا بِمَا رَزَقَنَا ، فَقَالَ سَلْمَانُ t : لَوْ قَنَعْتَ
بِمَا رَزَقَكَ اللَّهُ لَمْ تَكُنْ مَطْهَرَتِي مَرْهُونَةً ( [2] ) .
وفي ذلك أن من أخلاق المؤمن الاهتمام إذا نزل به ضيف ، حتى لو لم يكن عنده ما يكرمه به ، لأن الضيافة من أخلاق الكرام ؛ ولم يمنعه ذلك من أن ينصحه بقوله : ( لَوْ قَنَعْتَ بِمَا رَزَقَكَ اللَّهُ لَمْ تَكُنْ مَطْهَرَتِي مَرْهُونَةً ) ، حتى إذا نزل بغيره لا يكلفه فوق طاقته .
وقد قام بذلك النبي e عمليًّا ، حتى لا يستنكف أحد من فعله ، ولا يستحيي أحد من تقديم ما عنده ؛ فقد روى أحمد ومسلم عن جَابِرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ t قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا فِي دَارِي فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ e فَأَشَارَ إِلَيَّ ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَى بَعْضَ حُجَرِ نِسَائِهِ ، فَدَخَلَ ثُمَّ أَذِنَ لِي ، فَدَخَلْتُ الْحِجَابَ عَلَيْهَا - وفي رواية أحمد : فَدَخَلْتُ وَعَلَيْهَا الْحِجَابُ - فَقَالَ : " هَلْ مِنْ غَدَاءٍ ؟ " فَقَالُوا : " نَعَمْ " فَأُتِيَ بِثَلَاثَةِ أَقْرِصَةٍ ، فَوُضِعْنَ عَلَى نَبِيٍّ ( [3]) ،

فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ e قُرْصًا فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَخَذَ قُرْصًا آخَرَ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيَّ ، ثُمَّ أَخَذَ الثَّالِثَ

فَكَسَرَهُ بِاثْنَيْنِ ، فَجَعَلَ نِصْفَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَنِصْفَهُ بَيْنَ يَدَيَّ ، ثُمَّ قَالَ : " هَلْ مِنْ أُدُمٍ " قَالُوا : لَا ،

إِلَّا شَيْءٌ مِنْ خَلٍّ ؛ قَالَ : " هَاتُوهُ ، فَنِعْمَ الْأُدُمُ هُوَ " ( [4]) ، وفي رواية " نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ " ([5]) ؛ وعَنْ عَائِشَةَ -
anha.png
- أَنَّ النَّبِيَّ e قَالَ : " نِعْمَ الْأُدُمُ - أَوْ الْإِدَامُ - الْخَلُّ " ( [6]) ؛

وظاهر من حديث جابر عدم التكلف ، وعدم الاستحياء من تقديم ما هو موجود ، وإن كان مما
يحتقره البعض ، وفي قول النبي e : " نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ " ، الْإِدَام مَا يُؤْتَدَم بِهِ ، أي : يؤكل مع الخبز أو الأرز ؛ قال النووي -
rhm.png
: فِي الْحَدِيث فَضِيلَة الْخَلّ ، وَأَنَّهُ يُسَمَّى أُدُمًا ، وَأَنَّهُ أُدُم فَاضِل جَيِّد ( [7] ) ؛ وفيه بمفهومه عدم احتقار نعمة الله Y .
قال ابن بطال في ( شرح البخاري ) بعد أن أورد حديث سلمان المتقدم : فدل هذا الحديث أن المرء إذا أضافه ضيف أن الحق عليه أن يأتيه من الطعام بما حضره ، وأن لا يتكلف له بما ليس عنده ، وإن كان ما حضره من ذلك دون ما يراه للضيف أهلا ؛ لأن في تكلفة ما ليس عنده معان مكروهة :
منها : حبس الضيف عن القرى ، ولعله أن يكون جائعًا فيضر به .
ومنها : أن يكون مستعجلاً في سفره فيقطعه عنه بحبسه إياه عن إحضاره ما حضره من الطعام إلى إصلاح ما لم يحضر .
ومنها : احتقاره ما عظم الله قدره من الطعام .
ومنها : خلافه أمر رسول الله e وإتيانه ما قد نهى عنه من التكلف .ا.هـ .
وروى أبو نعيم في (حلية الأولياء ) عن أيوب قال : كان محمد بن سيرين يقول : لَا تُكْرِمْ أَخَاكَ بِمَا يَشُقُّ عَلَيْهِ ؛ ورواه البيهقي في ( الشعب ) بلفظ : لا تكرم أخاك بما يكره ( [8]) ؛ وفسِّر ذلك بأن تأتيه بحاضر ما عندك ، ولا تحبسه ، فعسى أن يشق ذلك عليه فيكرهه ؛ وروى البيهقي عن ميمون بن مهران : إذا نزل بك ضيف فلا تكلف له ما لا تطيق ، وأطعمه من طعام أهلك ، والقه بوجه طلق ، فإنك إن تكلفت له ما لا تطيق أوشك أن تلقاه بوجه يكرهه ( [9]) .
فمن الأدب مع الضيف أن يُعجَّل قراه ، فيُقَدم الموجود الميسر في الحال ، ثم يتبعه بغيره إن كان له جدة ، ولا يتكلف ما يضر به ؛ ويعذر من لا سعة له في ما لا يملكه ، وقد قيل : الكرم شيء هين : وجه باش وكلام لين ؛ وقيل : الجود بذل الموجود ؛ وقال بكر بن عبد الله المزني : إذا أتاك ضيف فلا تنتظر به ما ليس عندك ، وتمنعه ما عندك ، قدم إليه ما حضر ، وانتظر به ما بعد ذلك ما تريد من إكرامه ( [10] ) .
وروى البيهقي عن محمد بن عباد قال : نزل ضيف بأعرابية ، فقدمت إليه خبزًا يابسًا ولبنًا حامضًا ، ولم تكن تملك غيرهما ، فلامها ، فقالت :

ألَمْ تَرَ أَنَّ المَرْءَ مِن ضِيقِ عَيْشِهِ ... يُلامُ على مَعْرُوفِهِ وهُوَ مُحْسْنُ

وما كان مِنْ بُخْلٍ ولا مِن ضراعَةٍ ... ولكِنْ كما يَزْمُرُ له الدَّهْرُ يَزْفِنُ ( [11])

[1]- رواه أحمد : 5 / 441 ، والطبراني في الكبير : 6 / 235 ( 6083 ، 6084 ) ؛ وقال الهيثمي في ( مجمع الزوائد:8/179): رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط بأسانيد ، وأحد أسانيد الكبير رجاله رجال الصحيح .ا.هـ .

[2]- رواه الطبراني في الكبير : 6 / 235 ( 6085 ) ، والحاكم ( 7146 ) وصححه ، وقال الهيثميفي(مجمعالزوائد:8/179): رواه الطبراني ، ورجاله رجال الصحيح ، غير محمد بن منصور الطوسي ، وهو ثقة .

[3]- قوله : ( فَوُضِعْنَ عَلَى نَبِيٍّ ) أي : على شيء مرتفِع عن الأرض ، من النَّباوةِ والنَّبْوة : الشَّرَفِ المُرتَفع من الأرض .

[4]- أحمد : 3 / 379 ، ومسلم ( 2052 ) .

[5]- رواه وأبو داود ( 3820 ) ، والترمذي ( 1842 ) ، وابن ماجة ( 3317 ) .

[6]- رواه مسلم ( 2051 ) ، والترمذي ( 1840 ) ، وابن ماجة ( 3316 ) .

[7]- انظر شرح مسلم 14 / 6 .

[8]- حلية الأولياء : 2 / 264 ، وشعب الإيمان ( 8526 ) .

[9]- شعب الإيمان للبيهقي ( 9610 ) .

[10] - رواه ابن أبي الدنيا في ( قرى الضيف ) رقم ( 61 ) ، ,البيهقي في الشعب ( 9605 ) .

[11]- شعب الإيمان للبيهقي ( 9612 ) ؛ الزفن : الرقص واللعب ، والمراد إن وسع عليه عمل بذلك .

 

أحمد نجاح محمد

مراقب سابق
24 مايو 2011
2,247
301
83
الجنس
ذكر
رد: الأدب مع الضيفان

الجيزة
الجيزة هي ما يعطى للضيف ليعان به على سفره ؛ وهذا من الأدب الراقي مع الضيف ، وقد صح عن النبي e : " وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ " متفق عليه ( [1]) ، قال النووي : قَالَ الْعُلَمَاء : هَذَا أَمْر مِنْهُ e بِإِجَازَةِ الْوُفُود وَضِيَافَتهمْ وَإِكْرَامهمْ تَطْيِيبًا لِنُفُوسِهِمْ , وَتَرْغِيبًا

لِغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُؤَلَّفَة قُلُوبهمْ وَنَحْوهمْ ، وَإِعَانَة عَلَى سَفَرهمْ ؛ قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : قَالَ

الْعُلَمَاء : سَوَاء كَانَ الْوَفْد مُسْلِمِينَ أَوْ كُفَّارًا ; لِأَنَّ الْكَافِر إِنَّمَا يَفِد غَالِبًا فِيمَا يَتَعَلَّق بِمَصَالِحِنَا

وَمَصَالِحهمْ ( [2]) ؛ قَالَ أَبُو عُبَيْد : يَتَكَلَّف لَهُ فِي الْيَوْم الْأَوَّل بِالْبِرِّ وَالْإِلْطَاف , وَفِي الثَّانِي

وَالثَّالِث : يُقَدِّم لَهُ مَا حَضَرَهُ وَلَا يَزِيدهُ عَلَى عَادَته , ثُمَّ يُعْطِيه مَا يَجُوز بِه مَسَافَة يَوْمٍ وَلَيْلَة

وَتُسَمَّى الْجِيزَة , وَهِيَ قَدْر مَا يَجُوز بِهِ الْمُسَافِر مِنْ مَنْهَل إِلَى مَنْهَل , وَمِنْهُ الْحَدِيث الْآخَر "

أَجِيزُوا الْوَفْد بِنَحْوِ مَا كُنْت أُجِيزهُمْ " ( [3] ) ؛ قال ابن حجر - رحمه الله _ : وَقَوْله : " أَجِيزُوا

الْوَفْد " أَيْ :


أَعْطَوْهُمْ ، وَالْجَائِزَة الْعَطِيَّة ، وَقِيلَ أَصْله أَنَّ

نَاسًا وَفَدُوا عَلَى بَعْض الْمُلُوك وَهُوَ قَائِم عَلَى قَنْطَرَة ، فَقَالَ : أَجِيزُوهُمْ ، فَصَارُوا يُعْطُونَ الرَّجُل

وَيُطْلِقُونَهُ فَيَجُوز عَلَى الْقَنْطَرَة

مُتَوَجِّهًا ، فَسُمِّيَتْ عَطِيَّة مَنْ يَقْدَم عَلَى الْكَبِير جَائِزَة ؛ وَقَوْله e : " بِنَحْوِ مَا كُنْت أُجِيزهُمْ " أَيْ

بِقَرِيبٍ مِنْهُ ، وَكَانَتْ جَائِزَة الْوَاحِد عَلَى عَهْده e : وُقِيَّة مِنْ فِضَّة ، وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا ( [4]؛ وهذه الجائزة إنما هي حسب قدرة المضيف وسعته ،

وهي مستحبة على كل حال ، إذ هي من مكارم الأخلاق .




[1] - البخاري ( 3053 ) ، ومسلم ( 1637 ) عن ابن عباس .

[2] - انظر شرح مسلم للنووي : 11 / 94 .

[3]- نقلا عن فتح الباري : 10 / 533 .

[4] - انظر فتح الباري : 8 / 134 ، 135 ؛ والأربعون درهما تساوي تقريبًا مائة وعشرين جرامًا .
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع